من ذى الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشر من شهر ربيع الآخر لان التبليغ كان يوم النحر كما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولى سنة الفتح عتاب بن أسيد الوقوف بالناس فى الموسم واجتمع فى تلك السنة فى الوقوف المسلمون والمشركون فلما كانت سنة تسع بعث أبا بكر رضى الله عنه أميرا على الموسم فلما خرج منطلقا نحو مكة اتبعه عليا رضى الله عنه راكب العضباء ليقرأ هذه السورة على اهل الموسم فقيل له عليه السلام لو بعثت بها الى ابى بكر فقال (لا يؤدى عنى الأرجل منى) وذلك لان عادة العرب ان لا يتولى امر العهد والنقض على القبيلة إلا رجل منها سيدهم او واحد من رهطه وعترته فبعث عليا ازاحة للعلة لئلا يقولوا هذا خلاف ما نعرفه فينا فى العهد والنقض فلما
دنا على سمع أبو بكر الرغاء وهو صوف ذوات الحوافر فوقف وقال هذا رغاء ناقة رسول الله فلما لحقه قال أمير أم مأمور قال مأمور فمضيا فلما كان قبل يوم التروية خطب أبو بكر وحدثهم عن مساكنهم وقام علىّ يوم النحر عند جمرة العقبة فقال (يا ايها الناس انى رسول الله إليكم فقالوا بماذا فقرأ عليهم ثلاثين او أربعين آية من أول هذه السورة ثم قال أمرت بأربع ان لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنة الا كل نفس مؤمنة وان يتم الى كل ذى عهد عهده) وقال الحدادي كان الحج فى السنة التي قرأ على رضى الله عنه فيها هذه السورة فى العاشر من ذى القعدة ثم صار الحج فى السنة الثانية فى ذى الحجة وكان السبب فى تقديم الحج فى سنة العهد ما كان يفعله بنوا كناية فى النسيء وهو التأخير انتهى فعلى هذا كان المراد بالأشهر الاربعة من عشر ذى القعدة الى عشر من شهر ربيع الاول كما ذهب اليه البعض وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ بسياحتكم فى أقطار الأرض فى العرض والطول وان ركبتم متن كل صعب وذلول غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ اى لا تفوتونه بالهرب والتحصين قال فى ربيع الأبرار غير معجزى الله سابقى الله وكل معجز فى القرآن سابق بلغة كنانة وَأَنَّ اللَّهَ اى واعلموا انه تعالى مُخْزِي الْكافِرِينَ اى مذلكم فى الدنيا بالقتل والاسر وفى الآخرة بالعذاب وما يحصل لكم من الافتضاح. والاخزاء هو الازلال بما فيه فضيحة وعار قال القشيري قطع لهم مدة على وجه المهلة على انهم ان أقلعوا عن الضلال وجدوا فى المال ما فقدوا من الوصال وان أبوا الا التمادي فى الحرمة والجريمة انقطع ما بينهم وبينه من العصمة ثم ختم الآية بما معناه ان أصررتم على قبيح آثاركم مشيتم الى هلاككم بقدمكم وسعيتم فى عاجلكم فى اراقة دمكم وحصلتم فى آجلكم على ندمكم فما خسرتم الا فى صفقتكم
تبدلت وتبدلنا واخسرنا ... من ابتغى عوضا يسعى فلم يجد
ففى الآية دعوة الى الصلح والايمان بعد الحراب والكفران فمن كفر وعصى فقد خاصم ربه فجاء الندم فى تأخيره التوبة والاستغفار وعدم مبالاته بمباغتة قهر الملك الجبار قال بعض العرفاء ان شئت ان تصير من الابدال فحول خلقك الى بعض خلق الأطفال ففيهم خمس خصال لو كانت فى الكبار لكانوا ابدالا لا يهتمون للرزق: قال الصائب
فكر آب ودانه در كنج قفس بي حاصلست ... زير چرخ انديشه روزى چرا باشد مرا