مكة إذا فعلتم هذا ماذا تلقون من الشدة ومن اين تأكلون اما والله لنقطعن سبلكم ولا نحمل إليكم شيأ فوقع ذلك فى انفس اهل مكة وشق عليهم والقى الشيطان فى قلوب المسلمين الحزن وقال لهم من اين تعيشون وقد نفى المشركون وانقطعت عنكم الميرة فقال المسلمون قد كنا نصيب من تجاراتهم فالآن تنقطع عنا الأسواق والتجارات ويذهب عنا الذي كنا نصيبه فيها فانزل الله تعالى قوله وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً اى فقرا بسبب منعهم من الحج وانقطاع ما كانوا يجلبونه إليكم من الأرزاق والمكاسب فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ من عطائه او من تفضله بوجه آخر وقد أنجز وعده بان أرسل السماء عليكم مدرارا اكثر من خيرهم وميرهم ووفق اهل تبالة وجرش واسلموا وامتاروا لهم ثم فتح عليهم البلاد والغنائم وتوجه إليهم الناس من أقطار الأرض إِنْ شاءَ ان
يغنيكم قيده بالمشيئة مع ان التقييد بها ينافى ما هو المقصود من الآية وهو ازالة خوفهم من العيلة لفوائد الفائدة الاولى ان لا يتعلق القلب بتحقق الموعود بل يتعلق بكرم من وعد به ويتضرع اليه فى نيل جميع المهمات ودفع جميع الآفات والبليات والثانية التنبيه على ان الإغناء الموعود ليس يجب على الله تعالى بل هو متفضل فى ذلك لا يتفضل به الا عن مشيئته وإرادته والثالثة التنبيه على ان الموعود ليس بموعود بالنسبة الى جميع الاشخاص ولا بالنسبة الى جميع الامكنة والأزمان إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بمصالحكم حَكِيمٌ فيما يعطى ويمنع قال الكاشفى [حكم كننده است بتحقيق آمال ايشان اگر درى در بندد ديگرى بگشايد]
كمان مدار اگر ضايعم تو بگذارى ... كه ضايعم نگذارد مسبب الأسباب
براى من در احسان اگر تو در بندى ... درى دگر بگشايد مفتح الأبواب
- روى- عن الشيخ ابى يعقوب البصري رضى الله عنه قال جعت مرة فى الحرم عشرة ايام فوجد ضعفا فحدثتنى نفسى ان اخرج الى الوادي لعلى أجد شيأ ليسكن به ضعفى فخرجت فوجدت سلجمة مطروحة فاخذتها فوجدت فى قلبى منها وحشة وكأن قائلا يقول لى جعت عشرة ايام فآخرها يكون حظك سلحمة مطروحة متغيرة فرميت بها فدخلت المسجد فقعدت فاذا برجل جاء فجلس بين يدى ووضع قمطرة وقال هذه لك قلت كيف خصصتنى بها فقال اعلم انا كنا فى البحر منذ عشرة ايام فاشرفت السفينة على الغرق فنذر كل واحد منا نذرا ان خلصنا الله ان يتصدق بشىء ونذرت انا ان خلصنى الله ان أتصدق بهذه على أول من يقع عليه بصرى من المجاورين وأنت أول من لقيته قلت افتحها فاذا فيها كعك سميذ ممصر ولوز مقشر وسكر كعاب فقبضت قبضة من ذا وقبضه من ذا وقلت رد الباقي الى صبيانك هدية منى إليهم وقد قبلتها ثم قلت فى نفسى رزقك يسير إليك مند
عشرة ايام وأنت تطلبه من الوادي ... قال الصائب
فكر آب ودانه در كنج قفس بي حاصلست ... زير چرخ انديشه روزى چرا باشد مرا
وفى الآية اشارة الى ان الله تعالى قد رفع قلم التكليف عن الإنسان الى ان يبلغ استكمال القالب ففى تلك المدة كانت النفس وصفاتها يطفن حول كعبة القلب مستمدة من القوى