مصدر الثلاثي قد يجىء على فاعلة نحو عافية ومعناه معنى كل وجميع وهو منصوب على الحال اما من الفاعل وهو الواو فالمعنى قاتلوا جميعا المشركين اى مجتمعين على قتالهم متعاونين متناصرين ومن التعاون الدعاء بالنصرة إذ هو سلاح معنوى كما ان السيف سلاح صورى فمن تأخر ودعا فقلبه مجتمع بمن اقدم وغزا إذ التفرق الصوري لا يقدح فى الاجتماع المعنوي: كما قال الحافظ
در راه عشق مرحله قرب وبعد نيست ... مى بينمت عيان ودعا مى فرستمت
كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً كذلك اى مجتمعين واما من المفعول فالمعنى قاتلوا المشركين جميعا اى بكليتهم ولا تتركوا القتال مع بعضهم كما انهم يستحلون قتال جميعكم واما منهما معها نحو ضرب زيد عمرا قائمين فان المصدر عام للتثنية والجمع. فجميع المؤمنين يقاتل جميع الكافرين ويجوز ان يكون منصوبا على الظرف اى فى الحل والحرم وفى جميع الأزمان فى الأشهر الحرم وفى غيرها والى الابد فان الجهاد مستمر الى آخر الزمان وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ اى معكم بالنصر والامداد فيما تباشرون من القتال وانما وضع المظهر موضعه مدحالهم بالتقوى وحثا للقاصرين عليه وإيذانا بانه المدار فى النصر كذا فى الإرشاد وقال القاضي هى بشارة وضمان لهم بالنصرة بسبب تقواهم فان السلاح والدعاء لا ينفذان الا بالتقوى على مراتبها فكلمة التقوى هى كلمة الشهادة وبها بقي المؤمن نفسه وماله وعياله من التعرض فى الدنيا ومن العذاب فى العقبى ثم انها إذا قارنت بشرائطها الظاهرة والباطنة يحصل تقوى القلب وهو التخلي عن الأوصاف الذميمة ثم يحصل تقوى السر وهو التخلي عما سوى الله فمن كان لله كان الله له بالنصرة والامداد واعلم ان السيف سيفان سيف ظاهر وهو سيف الجهاد الصوري وسيف باطن وهو سيف الجهاد المعنوي فبالاول تنقطع عروق الكفرة الظاهرة الباغية وبالثاني عروق القوى الباطنة الطاغية والاول بيد مظهر الاسم الظاهر وهو السلطان وجنوده والثاني بيد مظهر الاسم الباطن وهو القطب وجنوده فنسأل الله تعالى ان ينصر سلطاننا بالاسم الممد والناصر والمعين ويخذل أعدائنا بالاسم المنتقم والقهار وذى الجلال: وقد قال السعدي
دعاى ضعيفان اميدوار ... ز بازوى مردى به آيد بكار
ففى الآية حث على المجاهدة مع الأعداء وفى الحديث (القتل فى سبيل الله مصمصة) اى مطهرة غاسلة من الذنوب يقال مصمص الإناء إذا جعل فيه الماء وحركه ومضمضه كذلك عن الأصمعي كذا فى تاج المصادر وفى الحديث (ان أبواب الجنة تحت ظلال السيوف) يعنى كون المجاهد فى القتال بحيث يعلوه سيوف الأعداء سبب للجنة حتى كان ابوابها حاضرة معه او المراد بالسيوف سيوف المجاهد هذا كناية عن الدنو من العدو فى الضراب لانه إذا دنا منه كان تحت ظل سيفه حين رفعه ليضربه وانما ذكر السيوف لانها اكثر سلاح العرب ومن التقوى الاحتراز عن الرياء والسمعة فى حضور معارك الحروب ومحافل الدعاء: قال خسرو الدهلوي