للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشرف ثم جمعهما وطرحهما وقال الناس كلهم من تراب وأكرمهم عند الله اتقاهم فالعلو والشرف فى التقوى واختيار المجاهدة على الراحة والحزن والبكاء على الفرح والسرور وفى الحديث (اقرب الناس الى الله يوم القيامة من طال حزنه وعطشه وجوعه) وقال حكيم الدنيا سوق الآخرة والعقل قائد الخير والمال زداء التكبر والهوى مركب المعاصي والحزن مقدمة السرور: قال الصائب

هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت

وقد ذم الله تعالى اهل النفاق بالفرح والاستهزاء ومدح اهل الإخلاص بالحزن والبكاء وادي ضحك أولئك الى البكاء الكثير وبكاء هؤلاء الى الضحك الوفير: وفى المثنوى

تا نكريد ابر كى خندد چمن ... تا نكريد طفل كى جوشد لبن «١»

هر كجا آب روان سبزه بود ... هر كجا أشك روان رحمت شود «٢»

باش چون دولاب نالان چشم تر ... تا ز صحن جانت بر رويد خضر

ثم ان الله تعالى انما يمنع المرء عن مراده ليستعد له وليزداد شوقه الا ترى الى النبي عليه السلام كيف قال لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ عزة وترفعا واستغناء ودلالا كما قال تعالى لموسى عليه السلام عند سؤاله بقوله رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي ليزيد بهذا المنع والتعزر شوق موسى عليه السلام فكان منع النبي عليه السلام عنهم من هذا القبيل فزادهم الشوق والحرص على الغزو فلما غلب الشوق وزاد الطلب اعطوا مامولهم وأجيب سؤلهم كاسبق وهذه حال الصورة وقس عليها حال المعنى فكما ان الفرح فى عالم الصورة لا يقدر على الطيران قبل نبات الجناح وهو من الشعر فكذا العاشق لا يقدر على الطيران فى عالم المعنى قبل وجود الجناح وهو من العلم والعمل والشوق الى المولى والتوجه الى الحضرة العليا وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأيت جعفر بن ابى طالب ملكا يطير فى الجنة ذا جناحين يطير بهما حيث شاه مخضوبة قوادمه بالدماء) قال الامام المنذرى وكان جعفر قد ذهبت يداه فى سبيل الله يوم موته فابدله الله بهما جناحين فمن أجل ذا سمى جعفر الطيار قال السهيلي ما ينبغى الوقوف عليه فى معنى الجناحين انهما ليسا كما سبق الى الوهم على مثل جناحى الطائر وريشه لان الصورة الآدمية اشرف الصور وأكملها وفى قوله عليه السلام (ان الله خلق آدم على صورته) تشريف لها عظيم وحاش لله من التشبيه والتمثيل ولكنها عبارة عن صورة ملكية وقوة روحانية أعطيها جعفر كما أعطيها الملائكة وقد قال الله تعالى لموسى عليه السلام وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ فعبر عن العضد بالجناح توسعا وليس ثمة طيران فكيف بمن اعطى القوة على الطيران مع الملائكة اخلق به اذن بوصف الجناح مع كمال الصورة الآدمية وتمام الجوارح البشرية وقد قال اهل العلم فى اجنحة الملائكة ليست كما يتوهم من اجنحة الطير ولكنها صفات ملكية لا تفهم الا بالمعاينة واحتجوا بقوله تعالى أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فكيف تكون كاجنحة الطير على هذا ولم ير طائر له ثلاثة اجنحة ولا اربعة فكيف بستمائة جناح كما جاء فى صفة جبريل فدل على انها صفات لا تنضبط كيفيتها للفكر ولا ورد ايضا فى بيانها خبر فيجب علينا


(١) در أوائل دفتر پنجم در بيان سبب رجوع آن كافر وديدن پيغمبر را در شستن
(٢) در أوائل دفتر يكم در بيان كثر ماندن دهان آن شخصى گستاخ إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>