المبايعة. قال الحسن اسمعوا الى بيعة ربيحة بايع الله بها كل مؤمن والله ما على وجه الأرض مؤمن الا وقد دخل فى هذه البيعة وسميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية. قال ابن ملك فى شرح المشارق المبايعة من جهة الرسول عليه السلام هو الوعد بالثواب ومن جهة الآخر التزام طاعته أَنْفُسَهُمْ [نفسهاى ايشانرا كه مباشر جهاد شوند] فالمراد بالنفس هو البدن الذي هو المركب والآلة فى اكتساب الكمالات للروح المجرد الإنساني وَأَمْوالَهُمْ [ومالهاى ايشانرا كه در راه نفقه كنند] فالمال الذي هو وسيلة الى رعاية مصالح هذا المركب بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [با آنكه مر ايشانرا باشد بهشت] اى باستحقاقهم الجنة فى مقابلتها وهو متعلق باشترى ودخلت الباء هنا على المتروك على ما هو الأصل فى باء المقابلة والعوض ولم يقل بالجنة مبالغة تقرر وصول الثمن إليهم واختصاصه بهم كأنه قيل بالجنة الثابتة لهم المختصة بهم فان قيل كيف يشترى أحد ملكه بملكه والعبد وماله لمولاه. قيل انما ذكر على وجه التحريض فى الغزو: يعنى [اى بنده از تو بذل كردن نفس ومال واز من عطا دادن بهشت بي زوال] ففيه تلطف للمؤمنين فى الدعاء الى الطاعة البدنية والمالية وتأكيد للجزاء كما قال تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فذكر الصدقة بلفظ القرض للتحريض على ذلك والترغيب فيه إذ القرض يوجب رد المثل لا محالة وكأن الله تعالى عامل عباده معاملة من هو غير مالك فالاشتراء استعارة عن قبول الله تعالى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم التي بذلوها فى سبيله واثابته إياهم بمقابلتها الجنة فالله تعالى بمنزلة المشترى والمؤمن بمنزلة البائع وبدنه وأمواله بمنزلة المبيع الذي هو العمدة فى العقد والجنة بمنزلة الثمن الذي هو الوسيلة وانما لم يجعل الأمر على العكس بان يقال ان الله باع الجنة من المؤمنين بانفسهم وأموالهم ليدل على ان المقصد فى العقد هو الجنة وما بذله المؤمنون فى مقابلتها من الأنفس والأموال وسيلة إليها إيذانا بتعلق كمال العناية بانفسهم وأموالهم. وعن جعفر الصادق رضى الله عنه انه كان يقول يا ابن آدم اعرف قدر نفسك فان الله عرفك قدرك لم يرض ان يكون لك ثمن غير الجنة: وفى المثنوى
خويشتن نشناخت مسكين آدمي ... از فزونى آمد وشد در كمى
خويشتن را آدمي ارزان فروخت ... بود اطلس خويش را بر دلق دوخت
قال الكاشفى [نفس سرمايه سر وشورست ومال سبب طغيان وغرور اين دو ناقص معيوب را در راه خدا كن وبهشت باقى مرغوبرا بستان]
وفى التفسير الكبير- حكى- فى الخبر ان الشيطان يخاصم ربه بهذه الآية ويحتج بالمسألة الشرعية فى البيع إذا اشترى المشترى متاعا معيوبا يرده الى البائع يقول يا رب أنت اشتريت نفوسهم وأموالهم فنفوسهم وأموالهم كلها معيوبة ردّ لى عبادك بشرعك وعدلك يكونوا معى حيث أكون فيقول الله تعالى أنت جاهل بشرعى وعدلى وفضلى إذا اشترى المشترى متاعا بكل عيب فيه بفضله وكرمه لا يجوز رده فى شرعى فى مذهب من المذاهب فيخسأ الشيطان حجلا طريدا مخذولا: وفى المثنوى