معلومه فمن قال انه ليس فى مكة والمدينة خانقاه فما هذه الخوانق فى البلاد الرومية. وغيرها ونهى عن الخانقاه والتردد اليه لجمعية الذكر وإصلاح الحال بالخلوة والرياضة فانما قاله من جهله وحماقته ونهى عن ضلالته وشقاوته فهو ليس بآمر بالمعروف ولاناه عن المنكر بل بالعكس كما لا يخفى ولقد كثر أمثال هذا المنكر الطاعن فى هذا الزمان مع انهم لا حجة لهم ولا برهان والله المستعان وقال القشيري الآمرون والناهون هم الذين يدعون الخلق الى الله تعالى ويحذرونهم عن غير الله يتواصون بالإقبال على الله وترك الاشتغال بغير الله ثم انه انما تخللت الواو الجامعة بين الآمرون والناهون للدلالة على انهما فى حكم خصلة واحدة لا يعتبر أحدهما بدون الآخر وعلى هذا فثامن الأوصاف هو قوله وَالْحافِظُونَ وواوه واو الثمانية وقيل الصفة الثامنة هى قوله وَالنَّاهُونَ وواوه واو الثمانية وذلك ان العرب إذا ذكروا اسماء العدد على سبيل التعداد يقولون واحد اثنان ثلاثة اربعة خمسة ستة سبعة ثم يدخلون الواو على الثمانية ويقولون وثمانية تسعة عشرة للايذان بان الاعداد قد تمت بالسابع من حيث ان السبعة هو العدد التام وان الثامن ابتداء تعداد آخر قال القرطبي هى لغة فصيحة لبعض العرب وعليها قوله ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً وقوله وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ وقوله وَفُتِحَتْ أَبْوابُها لان أبواب الجنة ثمانية واليه ذهب الحريري فى درة الغواص وغيره من العلماء وقال النسفي فى تفسيره المسمى بالتيسير لا اصل لهذا القول عند المحققين فليس فى هذا العدد ما يوجب ذلك والاستعمال على الاطراد كذلك قال الله تعالى الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ بغير واو وقال تعالى وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ الآية بغير
واو فى الثامنة وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ اى فيما بينه وعينه من الحقائق والشرائع عملا وحملا للناس عليه وقال القشيري هم الواقفون حيث وقفهم الله الذين يتحركون إذا حركهم ويسكنون إذا سكنهم ويحفظون مع الله أنفاسهم ثم انه لما كانت التكاليف الشرعية غير منحصرة فيما ذكر بل لها اصناف واقسام كثيرة لا يمكن تفصيلها وتبيينها الا فى مجلدات ذكر الله تعالى سائر اقسام التكاليف على سبيل الإجمال بقوله وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ والفقهاء ظنوا ان الذي ذكروه فى بيان التكاليف واف وليس كذلك لان الافعال المكلفين قسمان افعال الجوارح وافعال القلوب وكتب الفقه مشتملة على شرح اقسام التكاليف المتعلقة باعمال الجوارح. واما التكاليف المتعلقة باعمال القلوب فليس فى كتبهم منها الا قليل نادر وبعض مباحثها مدون فى الكتب الكلامية والبعض الآخر منها فصله الامام الغزالي وأمثاله فى علم الأخلاق ومجموعها مندرج فى قوله تعالى وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ [شيخ احمد غزالى ببرادرش امام محمد غزالى گفت جمله علم ترا بدو كلمه آورده ام التعظيم لامر الله والشفقة على خلق الله] قال الحدادي وهذه الصفة من أتم ما يكون من المبالغة فى وصف العباد بطاعة الله والقيام باوامره والانتهاء عن زواجره لان الله تعالى بين حدوده فى الأمر والنهى وفيما ندب اليه فرغب اليه او خير فيه وبين ما هو الاولى فى مجرى موافقة الله تعالى فاذا قام العبد بفرائض الله تعالى وانتهى الى ما أراد الله منه كان من الحافظين لحدود الله كما روى عن خلف بن أيوب انه أمر