ميكنند عذاب بيامدى ومبطل هلاك شدى ومحق بماندى] ويحتمل ان يكون المعنى ان الناس كانوا امة واحدة فى بدء الخلقة موجودين على اصل الفطرة التي فطر الناس عليها فاختلفوا بحسب تربية الوالدين كما قال عليه السلام (كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) ثم اختلفوا بعد البلوغ بحسب المعاملات الطبيعية والشرعية ثم هذا الاختلاف كما كان بين الأمم السالفة كذلك كان بين هذه الامة فمن مؤمن ومن كافر ومن مبتدع وفى اختلافهم فائدة جليلة وحكمة عظيمة حيث ان الكمال الإلهي انما يظهر بمظاهر جماله وجلاله لكن ينبغى للناس ان يكونوا على التآلف والتوافق دون التباغض والتفرق لان يد الله مع الجماعة وانما يأكل الذئب الشاة المنفردة- واوصى حكيم- أولاده عند موته وكانوا جماعة فقال لهم ائتوني بعصى فجمعها وقال اكسروها وهى مجموعة فلم يقدروا على ذلك ثم فرقها وقال لهم خذوا واحدة واحدة فاكسروها فكسروها فقال لهم هكذا أنتم بعدي لن تغلبوا ما اجتمعتم فاذا
تفرقتم تمكن منكم عدوكم فاهلككم وفى الحديث (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان تأمر عليكم عبد وانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ) والمراد بالخلفاء ابو بكر وعمر وعثمان وعلى رضوان الله عليهم أجمعين. والراشدون جمع راشد اسم فاعل وهو الذي اتى بالرشد واتصف به وهو ضد الغى فالراشد ضد الغاوي والغاوي من عرف الحق وعمل بخلافه. والنواجذ آخر الأسنان والمعنى واظبوا على السنة والزموها واحرصوا عليها كما يفعل العاض على الشيء بنواجذه خوفا من ذهابه وتفلته وقد وقع هذا الاختلاف وسيقع الى ان يقوم المهدى وينزل عيسى عليه السلام: قال الحافظ
تو عمر خواه وصبورى كه چرخ شعبده باز ... هزار بازي ازين طرفه تر بر انگيزد
: وقال
روزى اگر غمى رسدت تنگ دل مباش ... روشكر كن مباد كه از بد بتر شود
قال بعض العلماء فى هذه الامة فرقة مختلفة تبغض العلماء وتعادى الفقهاء ولم يكن ذلك فيمن تقدم قبلنا من الأمم بل كانوا منقادين لهم محبين كما وصفهم الله تعالى فى كتابه اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ والفقيه إذا كان مبغوضا بين الناس فما ظنك بالعالم بالله ألا تراهم إذا وجدوا الرجل كاملا فى العلوم الظاهرة والباطنة متفردا فى فنه متميزا من جنسه متفوقا على اقرانه فمن قائل فى حقه انه زنديق ومن قائل انه مبتدع وقلما تسمع من يقول انه صديق فانظر الى غيرة الله تعالى كيف ستره عن الأغيار وأخفى سره عن الأشرار: قال الحافظ
معشوق عيان ميگذرد بر تو وليكن ... اغيار همى بيند از آن بسته نقابست
قال رويم من المشايخ الكرام لا يزال الصوفية بخير ما تنافروا فاذا اصطلحوا هلكوا وذلك لانه لو قبل بعضهم بعضا لبقى بعضهم مع بعض وسكن بعضهم الى بعض والسكون الى غير الله تعالى عند الخواص من قبيل عبادة الأصنام عند العوام وهذا التبري بين الصوفية المحققين ليس كالتبرى بين اليهود والنصارى لان تبريهم فى الحق للحق وتبرى هؤلاء فى الباطل للباطل والحاصل ان من الاختلاف ما كان مذموما وما كان ممدوحا فالمذموم هو ما كان فى العقائد واصول