وجازى مكرهم فى آياته بعقاب ذلك اليوم فكان اسرع فى إهلاكهم من كيدهم فى إهلاكه عليه السلام وابطال آياته والمكر إخفاء الكيد وارادة الله خفية عليهم وإرادتهم ظاهرة
توكل على الرحمن واحتمل الردى ... ولا تخش مما قد يكيد بك العدى
إِنَّ رُسُلَنا الذين يحفظون أعمالكم وهم الكرام الكاتبون وفيه التفاوت إذ لو جرى على اسلوب قوله قُلِ اللَّهُ لقيل ان رسله يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ اى مكركم او ما تمكرونه وهو تحقيق للانتقام وتنبيه على ان ما دبروا إخفاءه لم يخف على الحفظة فضلا عن ان يخفى على الله وفيه تصريح بان للكفار حفظة فان قيل فالذى يكتب عن يمينه أي شىء يكتب ولم يكن لهم حسنة يقال ان الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب كما فى البستان واختلفوا فى عددهم فقال عبد الله بن المبارك هم خمسة اثنان بالنهار واثنان بالليل وواحد لا يفارقه ليلا ولا نهارا فثبت بهذا ان افعال الناس وأقوالهم سواء كانوا مؤمنين او كافرين مضبوطة مكتوبة للالزام عليهم يوم القيامة وان المكر والحيلة لا مدخل له فى تخليص الإنسان من مكروه بل قد قالوا إذا أدبر الأمر كان العطب فى الحيلة فمن ظن نجاته فى المكر كان كثعلب ظن نجاته فى تحريك ذنبه وانما المنجى هو القدم وهو هاهنا العمل الصالح بعد الايمان الكامل والعاقل يتدارك حاله قبل وقوع القضاء [علاج واقعه پيش از وقوع بايد كرد] قال زياد وليس العاقل الذي يحتال للامر إذا وقع فيه ولكن العاقل الذي يحتال للامور حذرا ان يقع فيها: قال السعدي قدس سره
تو پيش از عقوبت در عفو كوب ... كه سودى ندارد فغان زير چوب
كنون كرد بايد عمل را حساب ... نه روزى كه منشور گردد كتاب
والاشارة فى الآية وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً اى اذقناهم ذوق توبة او انابة او صدق طلب او وصول الى بعض المقامات او ذوق كشف وشهود مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ وهو الفسق والفجور والأخلاق الذميمة وحجب أوصاف البشرية وصفات الروحانية إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا باظهارها مع غير أهلها للشرف بين الناس وطلب الجاه والقبول عند الخلق واستتباعهم والرياسة عليهم وجذب المنافع منهم قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً اى اسرع فى إيصال مجازاة مكرهم إليهم باستدراجهم من تلك المقامات والمكرمات الى دركات العبد وتراكم الحجب من حيث لا يعلمون إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ اى غير خاف علينا قدر مراتب مكرهم فنجازيهم على حسب ما يمكرون كما فى التأويلات النجمية وقد رؤى من اهل هذه الطريقة كثير ممن مشى على الماء والهواء وطويت له الأرض ثم رد الى حاله الاولى وقد يمشى المستدرج على الماء والهواء وتزوى له الأرض وليس عند الله بمكان لانه ليست عنده هذه المراتب نتائج مقامات محمودة وانما هى نتائج مقامات مذمومة قامت به ارادة الحق سبحانه ان يمكر به فى ذلك الفعل الخارق للعادة وجعله فتنة عليه وتخيل انه انما أوصله إليها ذلك الفعل الذي هو معصية شرعا وانه لولاه ما وقف على حقيقة ما اتفق له هذا وغفل المسكين عن موازنة نفسه بالشريعة نسأل الله تعالى ان لا يجعلنا ممن زين له سوء عمله فرآه حسنا فيستمر على ذلك الفعل كذا فى مواقع النجوم: قال الحافظ قدس سره