عنهم مجازاة لهم على كفرانهم كما يضرب الطين على الحائط فهو استعارة بالكناية فترى اليهود وان كانوا مياسير كأنهم فقراء وَباؤُ اى رجعوا بِغَضَبٍ عظيم كائن مِنَ اللَّهِ اى استحقوه ولزمهم ذلك ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (أبوء بنعمتك على) اى أقربها والزمها نفسى وغضب الله تعالى ذمه إياهم في الدنيا وعقوبتهم في الآخرة ذلِكَ اى ضرب الذلة والمسكنة والبوء بالغضب العظيم بِأَنَّهُمْ اى بسبب ان اليهود كانُوا يَكْفُرُونَ على الاستمرار بِآياتِ اللَّهِ الباهرة التي هي المعجزات الساطعة الظاهرة على يدى موسى عليه السلام مما عد او لم يعد وكذبوا بالقرآن ومحمد عليه السلام وأنكروا صفته في التوراة وكفروا بعيسى والإنجيل وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ كشعيب وزكريا ويحيى عليهم السلام وفائدة التقييد مع ان قتل الأنبياء يستحيل ان يكون بحق الإيذان بان ذلك عندهم ايضا بغير الحق إذ لم يكن أحد معتقدا بحقية قتل أحدهم عليهم السلام فان قيل كيف جاز ان يخلى بين الكافرين وقتل الأنبياء قيل ذلك كرامة لهم وزيادة في منازلهم كمثل من يقتل في سبيل الله من المؤمنين وليس ذلك بخذلان لهم قال ابن عباس والحسن رضى الله عنهم لم يقتل قط من الأنبياء الا من لم يؤمر بقتال وكل من امر بقتال نصر فظهر ان لا تعارض بين قوله تعالى وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وقوله إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وقوله تعالى وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ مع انه يجوز ان يراد به النصرة بالحجة وبيان الحق وكل منهم بهذا المعنى منصور روى انهم قتلوا في يوم واحد سبعين نبيا: قال في المثنوى
چون سفيهانراست اين كار وكيا ... لازم آمد يقتلون الانبيا
انبيا را كفته قوم راه كم ... از سفه انا نطيرنا بكم
ذلِكَ اى ما ذكر من الكفر بالآيات العظام وقتل الأنبياء عليهم السلام بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ يتجاوزون امرى ويرتكبون محارمى اى جربهم العصيان والتمادي فى العدوان الى المشار اليه فان صغار الذنوب إذا دووم عليها أدت الى كبارها كما ان مداومة صغار الطاعات مؤدية الى تحرى كبارها وسقم القلب بالغفلة عن الله تعالى منعهم عن ادراك لذاذة الايمان وحلاوته لان المحموم ربما وجد طعم السكر مرا فالغفلة سم للقلوب مهلك فنفرة قلوب المؤمنين عن مخالفة الله نفرتك عن الطعام المسموم واعلم ان لله مرادا وللعبد مرادا وما أراد الله خير فقوله اهبطوا اى عن سماء التفويض وحسن التدبير منا لكم الى ارض التدبير والاختيار منكم لانفسكم موصوفين بالذلة والمسكنة لاختياركم مع الله وتدبيركم لانفسكم مع تدبير الله ولو ان هذه الامة هي الكائنة في التيه لما قالت مقال بنى إسرائيل لشفوف أنوارهم ونفوذ أسرارهم قال تعالى وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً اى عدلا خيارا وفي التأويلات كما ان بنى إسرائيل لم يصبروا على طعام واحد كان ينزل عليهم من السماء وقالوا لموسى من خساسة طبعهم ما قالوا كذلك نفس الإنسان من دناءة همتها لم تصبر على طعام واحد يطعمها ربها الواحد من واردات الغيب كما كان يصبر نفس النبي عليه السلام ويقول (لست