هو الله والمهدى بالهداية الخاصة هو الخواص والمهدى اليه هو الصراط المستقيم ومشيئته تعالى إرادته وهى صفة قديمة اتصفت بها ذاته تعالى كعلمه وقدرته وكلامه وسائر صفاته ويسمى متعلقها المراد المعبر عنه بالعناية فمن سأل بلسان الاستعداد كونه مظهرا للجلال امسك فى هذه النشأة عن اجابة الدعوة ومن سأل كونه مظهرا للجمال اسرع للاجابة والله تعالى يعطى كل شىء ما يستعده وهذه المشيئة والسؤال لا بد فى توفيقهما من قوة الحال: قال الحافظ
واعلم ان قبول الدعوة لا بد فيه من علامة وهى التزهد فى الدنيا والسلوك الى طريق الفردوس الأعلى والتوجه الى الحضرة العليا ألا ترى الى ابن أدهم خرج يوما يصطاد فاثار ثعلبا أو أرنبا فبينما هو فى طلبه هتف به هاتف ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت فنزل عن مركوبه وصادف راعيا لابيه فاخذ جبة الراعي وهى من صوف فلبسها وأعطاه فرسه وما معه ثم دخل البادية وكان من شأنه ما كان
در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست ... هش دار وكوش دل بپيام سروش كن
والانتباه الصوري اى من المنام مثال للانتباه القلبي اى من الغفلة فالقاعدون فى مقامات طبائعهم ونفوسهم كمن بقي فى النوم ابدا واليه الاشارة بقوله تعالى فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ والسالكون هم المنتبهون من رقدة هذه الغفلة واليه الاشارة بقوله تعالى وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وهو اللائح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال قال فى التأويلات النجمية وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ يدعو الله ازلا وابدا عباده الى دار السلام وهى العدم صورة ظاهرا وعلم الله وصفته معنى وحقيقة
وانما سمى العدم والعلم دار السلام لان العدم كان دارا قد سلم المعدوم فيها من آفة الاثنينية والشركة مع الله فى الوجود وهى دار الوحدانية وايضا لان السلام هو الله تبارك وتعالى والعلم صفته القائمة بذاته فالله تعالى بفضله وكرمه يدعو عباده ازلا من العدم الى الوجود ومن العلم وهو الصفة الى الفعل وهو الخلق ويدعوهم ابدا من الوجود الى العدم ومن الفعل الى العلم يدعوهم الى الوجود بالنفخة وهى قوله تعالى وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ويدعوهم من الوجود الى العدم والعلم بالجذبة وهى قوله تعالى ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ ولمادعى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالجذبة الى علم الله الأزلي الابدى قال (قد علمت ما كان وما سيكون) وذلك لانه صار عالما بعلم الله تعالى لا بعلم نفسه وهو سر قوله تعالى عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ
وانما علمه ذلك حين قال فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ اى فاعلم بعلم الله الذي دعيت بالجذبة اليه ان لا اله فى الوجود الا الله فان العلم الإلهي محيط بالوجود كله قال قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً فانت بعلمه محيط بالوجود كله فتعلم حقيقة ان ليس فى الوجود اله غير الله انتهى يقول الفقير المتلقف من فم حضرة الشيخ سلمه الله تعالى ان الانتباه الصوري اشارة الى يقظة القلب ثم الحركة الى الوضوء اشارة الى التوبة والانابة ثم التكبيرة الاولى اشارة الى التوجه الإلهي فحاله من الانتباه الى هنا اشارة الى عبوره من عالم الملك وهو الناسوت والدخول فى عالم