للسكنى والعبادة وَاجْعَلُوا أنتما وقومكما بُيُوتَكُمْ تلك قِبْلَةً مساجد متوجهة نحو القبلة وهى الكعبة فان موسى عليه السلام كان يصلى إليها وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ فيها وهذا ينبئ ان الصلاة كانت مفروضة عليهم دون الزكاة ولعل ذلك لفقرهم وَبَشِّرِ يا موسى لان بشارة الامة وظيفة صاحب الشريعة الْمُؤْمِنِينَ بالنصرة فى الدنيا اجابة لدعوتهم والجنة فى العقبى وفى الآية اشارة الى ان السلاك ينبغى ان لا يتخذوا المنازل فى عالم النفس السفلية بل يتخذوا المقامات فى مصر عالم الروحانية ويقيموا الصلاة اى يديموا العروج من المقامات الروحانية الى القربات والمواصلات الربانية فان سير الممكنات متناه وذوقها منقطع واما سير الواجب فغير متناه وذوقه دائم فى الدنيا والآخرة وذرة من سيره وذوقه لا يساويها لذة الجنان الثمان وجميع ذوق الرجال بانواع الكرامات لا يعادل محنة اهل الفناء عند الله وان تألموا هنا ولكن ذلك ليس بألم بل أشد والألم فيما إذا رأى اهل الذوق مراتب اهل الفناء فوقهم واقله التألم من تقدمهم. وغبطة موسى عليه السلام ليلة المعراج بنبينا عليه السلام من هذا القبيل ثم هذا بالنسبة الى من كان فى التنزل والإرشاد واما من بقي فى الوصلة فلا تألم له من شىء ولا مفخر فوق الحقيقة كما فى الواقعات المحمودية. ثم ان الابتلاء ماض الى يوم القيامة قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اعلم انه لا بد لجميع بنى آدم من العقوبة والألم شيأ بعد شىء الى دخولهم الجنة لانه إذا نقل الى البرزخ فلا بد له من الألم وأدناه سؤال منكر ونكير فاذا بعث فلا بد من الم الخوف على نفسه او غيره وأول الألم فى الدنيا استهلال المولود حين ولادته صارخا لما يجده من مفارقة الرحم وسخونته فيضربه الهواء عند خروجه من الرحم فيحس بالم البرد فيبكى فان مات فقد أخذ حظه من البلاء انتهى كلامه وكان امية بن خلف يعذب بلالا رضى الله عنه لا سلامه فيطرحه على ظهره فى الرمضاء اى الرمل إذا اشتدت حرارته لو وضعت فيه قطعة لحم لنضجت ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدر وهو يقول أحد أحد اى الله أحد فيمزج مرارة العذاب بحلاوة الايمان وقد وقع له رضى الله تعالى عنه انه لما احتضر وسمع امرأته تقول وا حزناه صار يقول وا طرباه
نلقى غدا الاحبه ... محمدا وحزبه
فكان يمزج مرارة الموت بحلاوة اللقاء وقد أشير الى هذه القصة فى المثنوى