الذي يشهد بامرها الى يوم القيامة عند كل مؤمن وجاحد عطف كتاب موسى فى قوله تعالى وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى على فاعله مع كونه مقدما عليه فى النزول فكأنه قيل أفمن كان على بينة من ربه ويشهد به شاهد آخر من قبل هو كتاب موسى وقال فى التأويلات النجمية وحمل الآية فى الظاهر على النبي صلى الله عليه وسلم وابى بكر اولى وأحرى فانه عليه السلام كما كان على بينة من ربه كان ابو بكر شاهدا يتلوه بالايمان والتصديق يدل عليه قوله وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ يعنى النبي عليه السلام وصدق به يعنى أبا بكر رضى الله عنه وهو الذي كان ثانيه فى الغار وتاليه فى الامامة فى مرضه عليه السلام حين قال (مر أبا بكر فليصل بالناس) وكان تاليه بالخلافة بإجماع الصحابة وكان منه حيث قال صلى الله عليه وسلم لابى بكر وعمر رضى الله عنهما (انهما منى بمنزلة السمع والبصر وَمِنْ قَبْلِهِ اى من قبل ابى بكر وشهادته بالنبوة كان
كِتابُ مُوسى وهو التوراة إِماماً يأتم به قومه بعده وفى ايام محمد صلى الله عليه وسلم كما ائتم به عبد الله بن سلام وسلمان وغيرهما من أحبار اليهود ولانه كان فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة وَرَحْمَةً اى الكتاب كان رحمة لاهل الرحمة وهى الذين يؤمنون بالكتاب وبما فيه كما قال أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ يعنى اهل الرحمة وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ اى بالكتاب وبما فيه مِنَ الْأَحْزابِ اى حزب اهل الكتاب وحزب الكفار وحزب المنافقين وان زعموا انهم مسلمون لان الإسلام بدعوى اللسان فحسب وانما يحتاج مع دعوى اللسان الى صدق الجنان وعمل الأركان فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ اى من ان يكون الكافر بك وبما جئت به من اهل النار لان الايمان بك ايمان بي وان طاعتك طاعتى فلا يخطرن ببالك انى من سعة رحمتى لعلى ارحم من كفر بك كائنا من كان فانى لا ارحمهم لانهم مظاهر قهرى إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ اى يكون له مظاهر صفات القهر كما يكون له مظاهر صفات اللطف وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ بصفات قهره كما يؤمنون بصفات لطفه لرجائهم المذموم ولغرورهم المشئوم بكرم الله فانه غرهم بالله وكرمه الشيطان الغرور انتهى: قال الحافظ
در كارخانه عشق از كفر ناگزيرست ... آتش كرا بسوز دگر بو لهب نباشد
واعلم ان حضرة القرآن انما نزل لتمييز اهل اللطف واهل القهر فهو البرهان النير العظيم الشان وبه يعلم اهل الطاعة من اهل العصيان ولما كان الكلام صفة من الصفات القديمة له تعالى قال اهل التأويل فى اشارة قوله أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ اى كشف بيان من تجلى صفة من صفات ربه وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ اى ويتبع الكشف شاهد من شواهد الحق فان الكشف يكون مع الشهود ويكون بلا شهود. والمعنى أفمن كان على بينة من كشوف الحق وشواهده كمن كان على بينة من العقل والنقل مع احتمال السهو والغلط فيها ولذا: قال الحافظ
عشق ميورزم واميد كه اين فن شريف ... چون هنرهاى دگر موجب حرمان نشود
: وقال الصائب
طريق عقل را بر عشق رجحان مى دهد زاهد ... عصايى بهتر از صد شمع كافورست أعمى را