حتى خافوا على حبال السفينة فاوحى الله تعالى الى نوح ان امسح جبهة الأسد فمسحها فعطس فخرج منها سنوران فأكلا الفار وكثرت العذرة فى السفينة فشكوا الى نوح فاوحى الله تعالى ان امسح ذنب الفيل فمسحه فخرج منه خنزيران فاكلا العذرة وفى خبر آخر خنزير واحد ودل خبر وهب على ان الهرة كانت من قبل وهذا الخبر على انها لم تكن من قبل الا ان يقال ان قصة التأليف وقعت بعد خروج الهرة من انف الأسد والله اعلم وَأَهْلَكَ عطف على زوجين والمراد امرأته المؤمنة فانه كان له امرأتان أحدهما مؤمنة والاخرى كافرة وهى أم كنعان وبنوه ونساؤهم إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بانه من المغرقين بسبب ظلمهم والمراد به ابنه كنعان وامه واعلة فانهما كانا كافرين والاستثناء منقطع ان أريد بالأهل الأهل ايمانا وهو الظاهر لقوله تعالى إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ او متصل ان أريد به الأهل قرابة ويكفى فى صحة الاستثناء المعلومية عند المراجعة الى أحوالهم والتفحص عن أعمالهم وجيئ بعلى لكون السابق ضارا لهم كما جيئ باللام فيما هو نافع لهم فى قوله تعالى وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ وقوله إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى وَمَنْ آمَنَ عطف على وأهلك اى واحمل أهلك والمؤمنين من غيرهم وافراد الأهل منهم للاستثناء المذكور وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ [وايمان نياورده بودند وموافقت نكرده با نوح مكر اندكى از مردمان]- روى- عن النبي عليه السلام انه قال كانوا ثمانية نوح واهله وبنوه الثلاثة ونساؤهم قال العتبى قرأت فى التوراة ان الله تعالى اوحى اليه ان اصنع الفلك وادخل أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك ومن كل شىء من الحيوان زوجان اثنان فانى منزل المطر أربعين يوما وليلة فأتلف كل شىء خلقته على وجه الأرض وعن مقاتل كانوا اثنين وسبعين رجلا وامرأة وأولاد نوح ونساؤهم فالجميع ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء وعن ابن عباس رضى الله عنهما كان فى سفينة نوح ثمانون رجلا وامرأة أحدهم جرهم يقال ان فى ناحية الموصل قرية يقال لها قرية الثمانين سميت بذلك لانهم لما خرجوا من السفينة بنوها فسميت بهم والاشارة حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وهو حد البلاغة التي يكون العبد مأمورا بالركوب على سفينة الشريعة وَفارَ التَّنُّورُ اى يفور ماء الشهوة من تنور القالب قُلْنَا احْمِلْ فِيها فى سفينة الشريعة مِنْ كُلٍّ صفة من صفات النفس زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ اى كل صفة وزوجها كالشهوة وزوجها العفة. والحرص وزوجه القناعة. والبخل وزوجه السخاوة والغضب وزوجه الحلم. والحقد وزوجه السلامة. والعداوة وزوجها المحبة. والتكبر وزوجه التواضع والتأنى وزوجه العجلة وَأَهْلَكَ اى واحمل معك أهلك صفات الروح إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ من النفس وَمَنْ آمَنَ اى آمن معك من القلب والسر وَما آمَنَ مَعَهُ غالبا إِلَّا قَلِيلٌ من صفات القلب فيه اشاره الى ان كل ما كان من هذه الصفات وأزواجها فى معزل عن سفينة الشريعة فهو غريق فى طوفان الفتن وهذا رد على الفلاسفة والإباحية فانهم يعتقدون ان من أصلح أخلاقها الذميمة وعالجها بضدها من الأخلاق الحميدة فلا يحتاج الى الركوب فى سفينة الشرع ولا يعلمون ان الإصلاح والعلاج إذا صدرا من طبيعة لا يفيد ان النجاة لان الطبيعة لا تعلم كيفية الإصلاح والعلاج ولا مقدار تزكية النفس وتحليتها وان كانت الطبيعة