أحد سواه بشئ من السوء وغيره عَلَيْهِ لا على أحد سواء تَوَكَّلْتُ فى كل ما آتى واذر. وفيه دلالة على ان ترتيب الأسباب غير مخل بالتوكل وَعَلَيْهِ دون غيره فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ الفاء لافادة التسبب فان فعل الأنبياء سبب لان يقتدى بهم قال سهل بن عبد الله التستري قدس سره للعباد على الله ثلاثة أشياء تكليفهم وآجالهم والقيام بامرهم ولله على العباد ثلاثة التوكل عليه واتباع نبيه والصبر على ذلك الى الموت. ومعنى ذلك ان الثلاثة الاول دخول العبد فيها تكلف إذ لا يتصور وجودها بسبب منه ولا يجب على الله شىء. والثلاثة الاخر لا بد من قيام العبد بها إذ لا بد من تسببه فيها واعلم انه قد شهدت باصابة العين تجاريب العلماء من الزمن الأقدم وتطابق ألسنة الأنبياء على حقيتها: قال الكمال
الخجندي
عقل باطل شمرد چشم تو هر خون كه كند ... ظاهرا بى خبر از نكته العين حقست
وفى الحديث ان العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر وعن على رضى الله عنه ان جبريل اتى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقه مغتما فقال يا محمد ما هذا الغم الذي أراه فى وجهك فقال (الحسن والحسين أصابهما عين) فقال يا محمد صدقت فان العين حق وتحقيقه ان الشيء لايعان الا بعد كماله وكل كامل فانه يعقبه النقص بقضاء ولما كان ظهور القضاء بعد العين أضيف ذلك إليها فالتأثير الحاصل عقيبه هو فعل الله على وفق اجراء عادته إذ لا تأثير للعين حقيقة على ما هو مذهب اهل السنة وقال بعضهم تأثير المؤثر فى غيره لا يجب ان يكون مستندا الى القوى الجسمانية بل قد يكون التأثير نفسانيا محضا ويدل عليه ان اللوح الذي يكون قليل العرض إذا كان موضوعا على الأرض يقدر الإنسان على المشي عليه ولو كان موضوعا فيما بين جدارين عاليين يعجز عن المشي عليه وما ذلك الا لان خوفه من السقوط يوجب سقوطه منه فعلمنا ان التأثيرات النفسانية موجودة من غير ان يكون للقوى الجسمانية مدخل لها وايضا إذا تصور الإنسان كون فلان مؤذيا له حصل فى قلبه غضب يسخن بذلك مزاجه جدا فمبدأ تلك السخونة ليس الا ذاك التصور النفساني ولان مبدأ الحركات البدنية ليس الا التصورات النفسانية فلما ثبت ان تصور النفس يوجب تغير بدنه الخاص لم يبعد ايضا ان يكون بعض النفوس بحيث تتعدى تأثيراتها الى سائر الأبدان فثبت انه لا يمتنع فى العقل ان يكون بعض النفوس مؤثرا فى سائر الأبدان فان جواهر النفس مختلفة بالماهية فجاز ان يكون بعض النفوس بحيث يؤثر فى تغيير بدن حيوان آخر بشرط ان يراه ويتعجب منه وقال بعضهم وجه إصابة العين ان الناظر إذا نظر الى شىء واستحسنه ولم يرجع الى الله والى روية صنعه قد يحدث الله فى المنظور علة بجناية نظره على غفلة ابتلاء من الله لعباده ليقول المحق انه من الله وغيره من غيره فيواخذ الناظر لكونه سببا وقال بعضهم صاحب العين إذا شاهد الشيء واعجب به كانت المصلحة له فى تكليفه ان يغير الله ذلك الشيء حتى لا يبقى قلب المكلف متعلقا به وقال بعضهم لا يستبعد ان ينبعث من عين من بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين فيتضرر بالهلاك والفساد كما قيل مثل ذلك فى بعض الحيات فان من انواع الأفاعي ما إذا وقع بصرها على عين انسان مات من ساعته والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية بل بعضها