للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ الأسف أشد الحزن والحسرة وأصله يا أسفي باضافة الأسف الى ياء المتكلم فقلبت الياء الفا طلبا للتخفيف لان الفتحة والالف أخف من الكسرة والياء نادى أسفه وقال يا أسفا تعالى واحضر فهذا أوانك: قال الجامى

كر چويوسف ز ما شوى غائب ... همچويعقوب ما ويا أسفا

: وقال الحافظ

يوسف عزيزم رفت اى برادران رحمى ... كز غمش عجب ديده ام حال پير كنعانى

وانما تأسف على يوسف مع ان الحادث مصيبة أخويه بنيامين والمحتبس والحادث أشد على النفس دلالة به على تمادى أسفه على يوسف وان زرأه اى مصيبته مع تقادم عهده كان غضا عنده طريا ولان زرأ يوسف كان قاعدة المصيبات ولانه كان واثقا بحياتهما عالما بمكانهما طامعا فى إيابهما واما يوسف فلم يكن فى شأنه ما يحرك سلسلة رجائه سوى رحمة الله وفضله وفى الحديث (لم تعط امة من الأمم انا لله وانا اليه راجعون عند المصيبة الا امة محمد صلى الله عليه وسلم) الا يرى الى يعقوب حين أصابه ما أصابه لم يسترجع بل قال يا أسفا على يوسف وعن ابى ميسرة قال لو ان الله أدخلني الجنة لعاتبت يوسف بما فعل بابيه حيث لم يكتب كتابا ولم يعلم حاله ليسكن ما به من الغم انتهى يقول الفقير هذا كلام ظاهرى وذهول عما سيأتى من الخبر الصحيح ان هذا كان بامر جبرائيل عن امر الله تعالى والا فكيف يتصور من الأنبياء قطع الرحم وقد كان بين مصر وكنعان

ثمانى مراحل وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ الموجب للبكاء فان العبرة إذا كثرت محقت سواد العين وقلبته الى بياض وقد تعميها كما اخبر عن شعيب عليه السلام فانه بكى من حب الله تعالى حتى عمى فرد الله عليه بصره وكذا بكى يعقوب حتى عمى وهو الأصح لقوله تعالى فَارْتَدَّ بَصِيراً: قال الكمال الخجندي

ز كريه بر سر مردم يقين كه خانه چشم ... فرو رود شب هجران ز بس كه بارانست

- روى- انه ما جفت عينا يعقوب من يوم فراق يوسف الى حين لقائه ثمانين سنة وما على وجه الأرض أكرم على الله من يعقوب فان قلت لم ذهب بصر يعقوب بفراقه واشتياقه الى يوسف قلت لئلا يزيد حزنه النظر الى أولاده ولسر شهود الجمال لما ورد فى الخبر النبوي يرويه عن جبريل عن ربه قال (يا جبريل ما جزاء من سلبت كريمتيه) يعنى عينيه قال (سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا قال تعالى جزاؤه الخلود فى دارى والنظر الى وجهى وفى الخبر أول من ينظر الى وجه الرب تعالى الأعمى) قال بعض الكبار أورث ذلك العمى بذهاب بصره النظر الى الجمال اليوسفى الذي هو مظهر من مظاهر الجمال المطلق لان الحق تعالى تجلى بنور الجمال فى المجلى اليوسفى فاحبه أبوه وابتلى بحبه اهل مصر من وراء الحجاب وفيه اشارة الى انه ما لم يفن العارف العين الكونى الشهادى لا يصل الى شهود الجمال المطلق

هر محنتى مقدمه راحتى بود ... شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت

فالعارف يشاهد الجمال المطلق بعين السر فى مصر الوجود الإنساني وينقاد له القوى والحواس جميعا واستدل بالآية على جواز التأسف والبكاء عند النوائب فان الكف عن ذلك مما لا يدخل

<<  <  ج: ص:  >  >>