وقيل هو عام فى كل ذى رحم محرما كان او غير محرم وارثا كان او غير وارث وهذا القول هو الصواب قال النووي وهذا أصح والمحرم من لا يحل له نكاحها على التأبيد لحرمتها. فقولنا على التأبيد احتراز عن اخت الزوجة. وقولنا لحرمتها احتراز عن الملاعنة فان تحريمها ليس لحرمتها بل للتغليظ واعلم ان قطع الرحم حرام والصلة واجبة ومعناها التفقد بالزيارة والإهداء والاعانة بالقول والفعل وعدم النسيان واقله التسليم وإرسال السلام والمكتوب ولا توقيت فيها فى الشرع بل العبرة بالعرف والعادة كذا فى شرح الطريقة. وصلة الرحم سبب لزيادة الرزق وزيادة العمر وهى اسرع اثرا كعقوق الوالدين فان العاق لهما لا يمهل فى الأغلب ولا تنزل الملائكة على قوم فيهم قاطع رحم والثاني الايمان بكل الأنبياء عليهم السلام فقولهم نؤمن ببعض ونكفر ببعض قطع لما امر الله به ان يوصل والثالث موالاة المؤمنين فانه يستحب استحبابا شديدا زيارة الاخوان والصالحين والجيران والأصدقاء والأقارب وإكرامهم وبرهم وصلتهم وضبط ذلك يختلف باختلاف أحوالهم ومراتبهم وفراغهم وينبغى للزائر ان تكون زيارته على وجه لا يكرهون وفى وقت يرتضون فان رأى أخاه يحب زيارته ويأنس به اكثر زيارته والجلوس عنده وان رآه مشتغلا بعبادة او غيرها او رآه يحب الخلوة يقل زيارته حتى لا يشغله عن عمله. وكذا عائد المريض لا يطيل الجلوس عنده الا ان يستأنس به المريض. ومن تمام المواصلة المصافحة عند الملاقاة ويستحب مع المصافحة البشاشة بالوجه والدعاء بالمغفرة وغيرها: قال الحافظ
يارى اندر كس نمى بينيم ياران را چهـ شد ... دوستى كى آخر آمد دوستدارانرا چهـ شد
كس نمى گويد كه يارى داشت حق دوستى ... حق شناسانرا چهـ حال افتاد وياران را چهـ شد
والرابع مراعاة حقوق كافة الخلق حتى الهرة والدجاجة وعن الفضيل ان جماعة دخلوا عليه بمكة فقال من اين أنتم قالوا من اهل خراسان قال اتقوا الله وكونوا من حيث شئتم واعلموا ان العبد لو احسن الإحسان كله وكانت له دجاجة فاساء إليها لم يكن من المحسنين- وروى- ان امرأة عذبت فى هرة حبستها فلم تطعمها الى ان ماتت وامرأة رحمها الله وغفر لها بسبب ان سقت كلبا عطشان بخفها وكان اويس القرني يقتات من المزابل ويكتسى منها فنبحه يوما كلب على مزبلة فقال له اويس كل مما يليك وانا آكل مما يلينى ولا تنبحنى فان جزت الصراط فانا خير منك والا فانت خير منى يقول الفقير وذلك لان الإنسان السعيد خير البرية والشقي شر البرية والكلب داخل فى البرية وهذا كلام من مقام الانصاف فان اهل الحق لا يرون لانفسهم فضلا ولذا كانوا يعدون من سواهم أياما كان خيرا. منهم وورد (رب بهيمة خير من راكبها) وهذا العلم أعطاهم مراعاة الحقوق مع جميع الحيوانات وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ اى وعيده عموما وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ خصوصا فيحاسبون أنفسهم قبل ان يحاسبوا وقال ابو هلال العسكرى الخوف يتعلق بالمكروه ومنزل المكروه يقال خفت زيد او خفت المرض كما قال تعالى يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، وقال وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ والخشية تتعلق بمنزل المكروه ولا يسمى الخوف من نفس المكروه خشية ولهذا قال وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ انتهى وسوء الحساب سبق قريبا والخوف من أجل المنازل وأنفعها للقلب وهو فرض على كل أحد