يا رسول الله انى رسول الفقراء إليك فقال (مرحبا بك جئت من عند قوم هم أحب الى) فقال يا رسول الله ان الفقراء يقولون لك ان الأغنياء قد ذهبوا بالخير كله هم يحجون ولا نقدر عليه ويتصدقون ولا نقدر عليه ويعتقون ولا نقدر عليه وإذا مرضوا بعثوا بفضل أموالهم ذخر الهم فقال عليه السلام (بلغ الفقراء عنى ان لمن صبر واحتسب منهم ثلاث خصال ليس للاغنياء منها شىء. اما الخصلة الاولى فان فى الجنة غرفا من ياقوت احمر ينظر إليها اهل الجنة كما ينظر اهل الدنيا الى النجوم لا يدخلها الا نبى فقير او شهيد فقير او مؤمن فقير. والخصلة الثانية يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو مقدار خمسمائة عام. والخصلة الثالثة إذا قال الفقير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر مخلصا وقال الغنى مثل ذلك لم يلحق الغنى بالفقير فى فضله وتضاعف الثواب وان أنفق الغنى معها عشرة آلاف در هم وكذلك اعمال البر كلها) فرجع الرسول إليهم وأخبرهم بذلك فقالوا رضينا يا رب فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ المخصوص بالمدح محذوف اى فنعم عقبى الدار جنات عدن واللام فى الدار للجنس لا غير كما فى بحر العلوم وقد وعدهم الله بثلاثة امور الاول الجنة والثاني ان يضم إليهم من آمن من أهلهم ولم يعملوا مثل عملهم والثالث دخول الملائكة عليهم من كل باب مبشرين لهم بدوام السلامة وعن الشيخ عبد الواحد بن زيد رحمه الله قال كنت فى مركب فطرحتنا الريح الى جزيرة وإذا فيها رجل يعبد صنما فقلنا له يا رجل من تعبد فاومأ الى الصنم فقلنا له ان إلهك هذا مصنوع عندنا من يصنع مثله ما هذا باله يعبد قال فانتم من تعبدون قلنا نعبد الذي فى السماء عرشه وفى الأرض بطشه وفى الاحياء والأموات قضاؤه قال ومن أعلمكم بهذا قلنا وجه إلينا رسولا كريما فاخبرنا بذلك قال فما فعل الرسول فيكم قلنا لما ادى الرسالة قبضه الله اليه وترك عندنا كتابا فاتيناه بالمصحف وقرأنا عليه سورة فلم يزل يبكى حتى ختمنا السورة فقال ينبغى لصاحب هذا الكلام ان لا يعصى ثم اسلم وعلمناه شرائع الدين وسورا من القرآن فلما كان الليل صلينا العشاء وأخذنا مضاجعنا فقال يا قوم هذا الا له الذي دللتمونى عليه ينام إذا جن الليل قلنا لا قال فبئس العبيد أنتم تنامون ومولاكم لا ينام فاعجبنا كلامه فلما قدمنا عبادان قلت لا صحابى هذا قريب عهد بالإسلام فجمعناله دراهم وأعطيناه فقال ما هذا قلنا دراهم تنفقها فقال لا اله الا الله دللتمونى على طريق لم تسلكوها انا كنت فى جزائر البحر اعبد صنما من دونه فلم يضيعنى وانا لا أعرفه فكيف يضيعنى الآن وانا أعرفه فلما كان بعد ثلاثة ايام قيل لى انه فى الموت فاتيته فقلت له هل من حاجة قال قضى حوائجى من جاء بكم الى الجزيرة قال عبد الواحد فغلبتنى عيناى فنمت عنده فرأيت روضة خضراء فيها قبة وفى القبة سرير وعلى السرير جارية حسناء لم ير احسن منها وهى تقول بالله ألا ما عجلتم به الىّ فقد اشتد شوقى اليه فاستيقظت فاذا به قد فارق الدنيا فغسلته وكفنته وواريته فلما كان الليل رأيت فى منامى تلك الروضة وفيها تلك القبة وفى القبة
ذلك السرير وعلى السرير تلك الجارية وهو الى جانبها وهو يقرأ هذه الآية وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ واعلم ان استماع سلام الملائكة ورؤيتهم فى الدنيا مخصوص بخواص البشر للطافة