لهم من الدنيا فرح بطر وأشر لا فرح شكر وسرور بفصل الله وانعامه عليهم وفيه دليل على ان الفرح بالدنيا حرام
افتخار از رنگ وبو واز مكان ... هست شادى وفريب كودكان
قال فى شرح الحكم عند قوله تعالى قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا انما لم يؤمر العبد برفض الفرح جملة لان ذلك من ضرورات البشر التي لا يمكن رفعها بل ينبعى صرفها للوجه اللائق بها وكذا جميع الأخلاق كالطمع والبخل والحرص والشهوة والغضب لا يمكن تبدلها بل يصح ان تصرف الى وجه لائق بها حتى لا تتصرف الا فيه وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ ليست ظرفا للحياة ولا للدنيا لانهما لا يقعان فيها بل هى حال والتقدير وما الحياة القريبة كائنة فى جنب حياة الآخرة اى بالقياس إليها ففى للمقايسة وهى الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لا حق إِلَّا مَتاعٌ الا شىء قليل يتمتع به كزاد الراعي وعجالة الراكب وهى ما يتعجل به من تميرات او شربة سويق او نحو ذلك قال الصاحب بن عباد سمعت امرأة فى بعض القبائل تسأل أين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم اى الكلب وأخذ المتاع وهو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع وفيه تقبيح لحال الدنيا قال الكاشفى [با متاعى از أمتعة كه وفايى وبقائي ندارد چون أدوات خانه] مثل القصعة والقدح والقدر ينتفع بها ثم تذهب والعاقل لا يفرح بما يفارقه عن قريب ويورثه حزنا طويلا وان حدثته نفسه بالفرح به يكذبها
ومن سره ان لا يرى ما يسوءه ... فلا يتخذ شيأ يخاف له فقدا
- حكى- انه حمل الى بعض الملوك قدح من فيروزج مرصع بالجوهر لم يرله نظير وفرح به الملك فرحا شديدا فقال لمن عنده من الحكماء كيف ترى هذا قال أراه فقرا حاضرا ومصيبة عاجلة قال وكيف ذلك قال ان انكسر كان مصيبة لا جبر لها وان سرق صرت فقيرا اليه وقد كنت قبل ان يحمل إليك فى أمن من المصيبة والفقر فاتفق انه انكسر القدح يوما فعظمت المصيبة على الملك وقال صدق الحكيم ليته لم يحمل إلينا قال فى الحكم العطائية ان أردت ان لا تعزل فلا تتول ولاية لا تدوم لك وكل ولايات الدنيا كذلك وان لم تعزل عنها بالحياة عزلت عنها بالممات قال وقد جعل الله الدنيا محلا للاغيار ومعدنا لوجود الاكدار تزهيدا لك فيها حتى لا يمكنك استناد إليها ولا تعريج عليها وقد قيل ان الله تعالى اوحى الى الدنيا (تضيقى وتشددى على أوليائي وترفهى وتوسعى على أعدائي تضيقى على أوليائي حتى لا يشتغلوا بك عنى وتوسعى على أعدائي حتى يشتغلوا بك عنى فلا يتفرغوا لذكرى وفى التأويلات النجمية اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ الكشوف والشهود لِمَنْ يَشاءُ من عباده المحبين المحبوبين ويضيق لمن فتح عليهم أبواب الدنيا وشهواتها فاغرقهم فيها وَفَرِحُوا بها بِالْحَياةِ الدُّنْيا اى باستيفاء لذاتها وشهواتها وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا بالنسبة الى من عبر عنها ولم يلتفت إليها فيجد فى آخرتها ما يجد الا تمتع ايام قلائل بأدنى شىء خسيس فان: قال الكمال الخجندي