للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشركوا لا يؤمنون بعاقبة وما يعرفون الا الحياة الدنيا فحرصهم عليها لا يستبعد لانها جنتهم فاذا زاد عليهم في الحرص من له كتاب وهو مقر بالجزاء كان حقيقا بأعظم التوبيخ فان قلت لم زاد حرصهم على حرص المشركين قلت لانهم علموا لعلمهم بحالهم انهم صائرون الى النار لا محالة والمشركون لا يعلمون ذلك يَوَدُّ أَحَدُهُمْ بيان لزيادة حرصهم على طريقة الاستئناف اى يريد ويتمنى ويحب أحد هؤلاء المشركين لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ حكاية لودادهم ولو فيه معنى التمني كأنه قيل ليتنى اعمر وكان القياس لو اعمر الا انه جرى على لفظ الغيبة لقوله تعالى يود أحدهم كقولك حلف بالله ليفعلن ومحله النصب على انه معمول يود اجراء له مجرى القول لانه فعل قلبى والمعنى تمنى أحدهم ان يعطى البقاء والعمر الف سنة وهي للمجوس وخص هذا العدد لانهم يقولون ذلك فيما بينهم عند العطاس والتحية عش الف سنة والف نوروز والف مهرجان وهي بالعجمية «زى هزار سال» وصح اطلاق المشركين على المجوس لانهم يقولون بالنور والظلمة وَما حجازية هُوَ اى أحدهم اسم ما بِمُزَحْزِحِهِ خبر ما والباء زائدة والزحزحة التبعيد والانجاء مِنَ الْعَذابِ من النار أَنْ يُعَمَّرَ فاعل مزحزحه اى تعميره وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ البصير في كلام العرب العالم بكنه الشيء الخبير به اى عليم بخفيات أعمالهم من الكفر والمعاصي لا يخفى عليه فهو مجازيهم بها لا محالة بالخزي والذل في الدنيا والعقوبة في العقبى وهذه الحياة العاجلة تنقضى سريعة وان عاش المرء الف سنة او أزيد عليها فمن أحب طول العمر للصلاح فقد فاز قال عليه السلام (طوبى لمن طال عمره وحسن عمله) ومن أحبه للفساد فقد ضل ولا ينجو مما يخلف فان الموت يجئ البتة واجتمعت الامة على ان الموت ليس له سن معلوم ولا أجل معلوم ولا مرض معلوم وذلك ليكون المرء على اهبة من ذلك وكان مستعدا لذلك بعض الصالحين ينادى بالليل على سور المدينة الرحيل الرحيل فلما توفى فقد صوته امير تلك المدينة فسأل عنه فقيل انه مات فقال

ما زال يلهج بالرحيل وذكره ... حتى أناخ ببابه الجمال

فأصابه متيقظا متشمرا ... ذا اهبة لم تلهه الآمال

بانك طبلت نمى كند بيدار ... تو مكر مرده نه در خوابى

تو چراغى نهاده در ره باد ... خانه در ممر سيلابى

فاصابة الموت حق وان كان العيش طويلا والعمر مديدا وهو ينزل بكل نفس راضية كانت او كارهة روى شارح الخطب عن وهب بن منبه انه قال مر دانيال عليه السلام ببرية فسمع يا دانيال قف تر عجبا فلم ير شيأ ثم نودى الثانية قال فوقفت فاذا بيت يدعونى الى نفسه فدخلت فاذا سرير مرصع بالدر والياقوت فاذا النداء من السرير اصعد يا دانيال تر عجبا فارتقيت السرير فاذا فراش من ذهب مشحون بالمسك والعنبر فاذا عليه شاب ميت كأنه نائم وإذا عليه من الحلي والحلل ما لا يوصف وفي يده اليسرى خاتم من ذهب وفوق رأسه تاج من ذهب وعلى منطقته سيف أشد خضرة من البقل فاذا النداء من السرير ان احمل هذا السيف واقرأ ما عليه قال فاذا مكتوب عليه هذا سيف صمصام بن عوج بن عنق بن عاد بن ارم وانى عشت الف عام وسبعمائة

<<  <  ج: ص:  >  >>