وأفضلهم أراد ان يجمع أمته على كتاب واحد منزل بلسان هو سيد الالسنة وأشرفها وأفضلها إعطاء للاشرف الأشرف وذلك هو اللسان العربي الذي هو لسان قومه ولسان اهل الجنة فكان سائر الالسنة تابعا له كما ان الناس تابع للعرب مع ما فيه من الغنى عن النزول بجميع الالسنة لان الترجمة تنوب عن ذلك وتكفى التطويل اى يبعث الرسل الى الأطراف يدعونهم الى الله ويترجمون لهم بألسنتهم يقال ترجم لسانه إذا فسره بلسان آخر ومنه الترجمان كما فى الصحاح قال فى انسان العيون اما قول اليهود او بعضهم وهم العيسوية طائفة من اليهود اتباع عيسى الاصفهانى انه عليه السلام انما بعث للعرب خاصة دون بنى إسرائيل وانه صادق ففاسد لانهم إذا اسلموا انه رسول الله وانه صادق لا يكذب لزمهم التناقض لانه ثبت بالتواتر عنه انه رسول الله لكل الناس ثم قال ولا ينافيه قوله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لانه لا يدل على اقتصار رسالته عليهم بل على كونه متكلما بلغتهم ليفهموا عنه اولا ثم
يبلغ الشاهد الغائب ويحصل الافهام لغير اهل تلك اللغة من الأعاجم بالتراجم الذين أرسلوا إليهم فهو صلى الله عليه وسلم مبعوث الى الكافة وان كان هو وكتابه عربيين كما كان موسى وعيسى عليهما السلام مبعوثين الى بنى إسرائيل بكتابيهما العبراني وهو التوراة والسرياني وهو الإنجيل مع ان من جملتهم جماعة لا يفهمون بالعبرانية ولا بالسريانية كالاروام فان لغتهم اليونانية انتهى والحاصل ان الإرشاد. لا يحصل الا بمعرفة اللسان- حكى- ان اربعة رجال عجمى وعربى وتركى ورومى وجدوا فى الطريق درهما فاختلفوا فيه ولم يفهم واحد منهم مراد الآخر فسألهم رجل آخر يعرف الالسنة فقال للعربى أي شىء تريد وللعجمى [چهـ ميخواهى] وللتركى «نه استرسين» وعلم ان مراد الكل ان يأخذوا بذلك الدرهم عنبا ويأكلوه فاخذ هذا العارف الدرهم منهم واشترى لهم عنبا فارتفع الخلاف من بينهم بسبب معرفة ذلك الرجل لسانهم- وحكى- ان بعض اهل الإنكار ألحوا على بعض من المشايخ الأميين ان يعظ لهم باللسان العربي تعجيز اله وتفضيحا فحزن لذلك فرأى فى المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره بما التمسوا منه من الوعظ فاصبح متكلما بذلك اللسان وحقق القرآن بحقائق عجزوا عنها وقال أمسيت كرديا وأصبحت عربيا: وفى المثنوى
خويش را صافى كن از أوصاف خويش ... تا ببينى ذات پاك صاف خويش
بينى اندر دل علوم انبيا ... بي كتاب وبي معيد واوستا
سر أمسينا لكرديا بدان ... راز أصبحنا عرابيا بخوان
فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ إضلاله اى يخلق فيه الكفر والضلال لمباشرة الأسباب المؤدية اليه قال الكاشفى [پس كمراه كرداند خداى تعالى هر كه را خواهد يعنى فرو كذارد تا كه كمراه شود] والفاء فصيحة مثلها فى قوله تعالى فقلنا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ كأنه قيل فبينوه لهم فاضل الله منهم من شاء إضلاله لما لا يليق الا به وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ هدايته اى يخلق فيه الايمان والاهتداء لاستحقاقه له لما فيه من الانابة والإقبال الى الحق قال الكاشفى [وراه نمايد هر كه را خواهد يعنى توفيق دهد تا راه يابد] وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على كل شىء فلا يغالب فى مشيئته الْحَكِيمُ الذي لا يفعل شيأ من الإضلال والهداية الا لحكمة بالغة وفيه ان