للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادعى الى الاجابة وإياك نعبد

لما أورثه العجب اردف إياك نستعين ازالة له وإفناء للنخوة ففى الجمع بينهما افتخار وافتقار فالافتخار بكونه عبدا عابدا والافتقار الى معونته وتوفيقه وعصمته وفيه ايضا تحقيق لمذهب اهل السنة والجماعة إذ فيه اثبات الفعل من العبد والتوفيق من الله كالخلق ففيه رد الجبرية النافين للفعل من العبد بقوله إياك نعبد ورد المعتزلة النافين للتوفيق والخلق من الله بقوله إياك نستعين ثم تحقيقهما من العبد ان لا يخدم غير الله ولا يسأل إلا من الله- حكى- عن سفيان الثوري رحمه الله انه أم قوما في صلاة المغرب فلما قال إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ خر مغشيا عليه فلما أفاق قيل له في ذلك فقال خفت ان يقال فلم تذهب الى أبواب الأطباء والسلاطين وفي تخصيص الاستعانة بالتقديم اقتداء بالخليل عليه السلام في قيد النمرود حيث قال له جبريل عليه السلام هل لك من حاجة فقال اما إليك فلا فقال سله قال حسبى من سؤالى علمه بحالي بل ردت عليه فان الخليل قيد رجلاه ويداه لا غير فاما انا فقيدت الرجلين فلا أسير واليدين فلا احركهما وعينى فلا انظر بهما واذنى فلا اسمع بهما ولسانى فلا أتكلم به وانا مشرف على نار جهنم فكما لم يرض الخليل بغيرك معينا لا أريد الا عونك فاياك نستعين وكانه تعالى يقول فنحن ايضا نزيد حيث قلنا ثمة يا نار كونى بردا وسلاما على ابراهيم واما أنت فقد نجيناك من النار واوصلناك الى الجنة وزدنا سماع الكلام القديم وأمرنا نار جهنم تقول لك جزيا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى: قال المولى جلال الدين قدس سره

ز آتش مؤمن از ين رو اى صفى ... ميشود دوزخ ضعيف ومنطفى

كويدش بگذر سبك اى محتشم ... ور نه ز آتشهاى تو مرد آتشم

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ بيان المعونة المطلوبة كانه قيل كيف أعينك فقالوا اهدنا الصراط المستقيم وايضا ان التعقيب بالدعاء بعد تمام العبادة قاعدة شرعية قال في التيسير إِيَّاكَ نَعْبُدُ اظهار التوحيد وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ طلب العون عليه وقوله اهْدِنَا لسؤال الثبات على دينه وهو تحقيق عبادته واستعانته وذلك لان الثبات على الهداية أهم الحاجات إذ هو الذي سأله الأنبياء والأولياء كما قال يوسف عليه السلام توفنى مسلما وسحرة فرعون توفنا مسلمين والصحابة وتوفنا مع الأبرار وذلك لانه لا ينبغى ان يعتمد على ظاهر الحال فقد يتغير في المآل كما لابليس وبرصيصا وبلعم بن باعورا: قال المولى جلال الدين قدس سره

صد هزار إبليس وبلعم در جهان ... همچنين بودست پيدا ونهان

اين دو را مشهور كردانيد اله ... تا كه باشند اين دو بر باقى كواه

اين دو دزد آويخت بردار بلند ... ور نه اندر قهر بس دزدان بدند

وفي تفسير القاضي إذا قاله العارف الواصل الى الله عنى به أرشدنا طريق السير فيك لتمحو عنا ظلمات أحوالنا وتميط غواشى أبداننا لنستضىء بنور قدسك فنراك بنورك قال المولى الفنارى ومبناه ان السير في الله غير متناه كما قال قطب المحققين ولا نهاية للمعلومات والمقدورات فما دام معلوم او مقدور فالشوق للعبد لا يسكن ولا يزول واصل الهداية ان يعدى باللام او الى فعومل معاملة اختار في قوله تعالى وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ والصراط المستقيم استعارة عن ملة

<<  <  ج: ص:  >  >>