للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغفلتها عنها فلو ارتفعت جهالتها وغفلتها لشاهدت الأمر وعاينته كما تشاهد الشمس فى وسط السماء وتعاينها اللهم ارفع الحجب عن القلوب حتى تنفتح أبواب الغيوب انتهى بعبارته قال الله تعالى فى بعض كتبه المنزلة اعرف نفسك يا انسان تعرف ربك وقال عليه الصلاة والسلام (أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه) ومن فضل الله تعالى على الإنسان ان علمه طريق معرفته بان جمع فى شخصه مع صغر حجمه من العجائب ما يكاد يوازى عجائب كل العالم حتى كأنه نسخة مختصرة من هيئة العالم

آدمي چيست برزخى جامع ... صورت خلق وحق درو واقع

متصل با دقائق جبروت ... مشتمل بر حقائق ملكوت

ليتوسل الإنسان بالتفكر فيها الى العلم بالله الذي هو أجل العلوم واشرف المعارف. ومعنى الآية فاذا كملت استعداده وجعلت فيه الروح حتى جرى آثاره فى تجاويف أعضائه فحيى وصار حساسا متنفسا فَقَعُوا لَهُ امر من وقع يقع وفيه دليل على انه ليس المأمور به مجرد الانحناء كما قيل اى اسقطوا له ساجِدِينَ امتثالا لامر الله تعالى وتحية لآدم وتعظيما وتكريما له واسجدوا لله على انه عليه السلام بمنزلة القبلة حيث ظهر فيه تعاجيب آثار قدرته وحكمته يقول الفقير لى رؤيا صادقة فى هذا المقام وهى انى رأيت حضرة شيخى وسندى روح الله روحه فى المنام فى غاية من الانبساط فسألته عن بعض ما يتعلق بالموت فقال كنت على الطهارة الكاملة الى آخر النفس فلما قبض روحى دخلت فجا يجرى فيه عين ماء فتوضأت منه لانه وقع الحدث بالنزع ثم عرج بي الى السماء ثم رجعت الى جنازتى فصليت على مع الحاضرين فقلت له هل يبقى العقل والإدراك الذي فى هذه النشأة الدنيوية على حاله قال نعم ثم أخذ بيدي وهو متبسم فقال لى مرتين كن معتقدا لى كأنه اظهر السرور من حسن اعتقادي له فاستيقظت ففى هذه الرؤيا امور. منها ان الوضوء ينتقض عند النزع وعليه بنى مشروعية الغسل فى الأصح والمؤمن الكامل طاهر فى حياته ومماته فلا يتنجس والحدث غير التنجس ولو سلم فهو بالنسبة الى الناقص والحاصل انه يغسل الكامل غسل الناقص لانه على غير وضوء بحسب الظاهر ولانه فى هذه النشأة الدنيوية تابع للناقص فيما يتعلق بالأمور الظاهرة. ومنها بيان بقاء العقل والإدراك على حاله لان العقل والايمان والولاية ونحوها من صفات الروح وهو لا يتغير بالموت. ومنها ان الروح الكامل يشهد جنازته فيكون أسوة للناس فى الصلاة فصلاته على نفسه اشارة الى ان الكامل هو الساجد والمسجود له فى مرتبة الحقيقة فعبادته له لا لغيره فافهم جدا وصلاة الناس عليه اشارة الى سجود الملائكة لآدم ولهذا شرعت صلاة الجنازة مطلقا تحقيقا لهذا السر العظيم ولا ينافيه كونها دعاء وثناء فى مرتبة الشريعة إذ لكل مرتبة حد بحسب الوقوف عنده قال فى التأويلات النجمية فَإِذا سَوَّيْتُهُ تسوية نجعله قابلا لنفختى وللروح المضاف الىّ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي يشير بتشريف هذه الاضافة الى اختصاص الروح بأعلى المراتب من الملكوت الأعلى وكمال قربه الى الله كما قال وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ والى اختصاصه بقبول النفخة فانه تشرف بهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>