للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك بإدخال الآلام وعظيم الأسقام وكل ذلك مدرك بالحس والمشاهدة وإنكاره معاندة وان أردت التفصيل وحقيقة الحال فاستمع لما نتلو عليك من المقال وهو ان السحر اظهار امر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة بمباشرة اعمال مخصوصة يجرى فيه التعلم والتعليم وبهذين الاعتبارين يفارق المعجزة والكرامة واختلف العلماء في حقيقة السحر بمعنى ثبوته في الخارج فذهب الجمهور الى ثبوته فيه وقالت المعتزلة لا ثبوت له ولا وجود له في الخارج بل هو تمويه وتخييل ومجرد اراءة مالا حقيقة له يرى الحبال حيات بمنزلة الشعوذة التي سببها خفة حركات اليد او إخفاء وجه الحيلة وتمسكوا بقوله تعالى يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى ولنا وجهان الاول يدل على

الجواز والثاني يدل على الوقوع اما الاول فهو إمكان الأمر في نفسه وشمول قدرة الله فانه الخالق وانما الساحر فاعل وكاسب واما الثاني فهو قوله تعالى فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وفيه اشعار بانه ثابت حقيقة ليس مجرد اراءة وتمويه وبان المؤثر والخالق هو الله تعالى وحده واما الشعوذة وما يجرى مجراها من اظهار الأمور العجيبة بواسطة ترتيب آلات الهندسة وخفة اليد والاستعانة بخواص الادوية والأحجار فاطلاق السحر عليها مجاز او لما فيها من الدقة لانه في الأصل عبارة عن كل ما لطف مأخذه وخفى سببه ولذا يقال سحر حلال واكثر من يتعاطى السحر من الانس النساء وخاصة فى حال حيضهم والأرواح الخبيثة ترى غالبا للطبائع المغلوبة والنفوس الرذيلة وان لم يكن لهم رياضة كالنساء والصبيان والمخنثين والإنسان إذا فسد نفسه او مزاجه يشتهى ما يضره ويتلذذ به بل يعشق ذلك عشقا يفسد عقله ودينه وخلقه وبدنه وماله والشيطان خبيث فاذا تقرب صاحب العزائم والاقسام وكتب الروحانيات السحرية وأمثال ذلك إليهم بما يحبونه من الكفر والشرك صار ذلك كالرشوة والبرطيل لهم فيقضون بعض أغراضهم كمن يعطى رجلا مالا ليقتل من يريد قتله او يعينه على فاحشة او ينال منه فاحشة ولذلك يكتب السحرة والمعزمون في كثير من الأمور كلام الله تعالى بالنجاسة والدماء ويتقربون بالقرابين من حيوان ناطق وغير ناطق والبخور وترك الصلاة والصوم واباحات الدماء ونكاح ذوات المحارم وإلقاء المصحف فى القاذورات وغير ذلك مما ليس لله فيه رضى فاذا قالوا كفرا او كتبوه او فعلوه اعانتهم الشياطين لاغراضهم او بعضها اما بتغوير ماء واما بان يحمل في الهواء الى بعض الامكنة واما ان يأتيه بمال من اموال الناس كما يسرقه الشياطين من اموال الخائنين ومن لم يذكر اسم الله عليه ويأتى به واما غير ذلك من قتل أعدائهم او امراضهم او جلب من يهوونه وكثيرا ما يتصور الشيطان بصورة الساحر ويقف بعرفات ليظن من يحسن به الظن انه وقف بعرفات وقد زين لهم الشيطان ان هذا كرامات الصالحين وهو من تلبيس الشيطان فان الله تعالى لا يعبد الا بما هو واجب او مستحب وما فعلوه ليس بواجب ولا مستحب شرعا بل هو منهى حرام ونعوذ بالله من اعتقاد ما هو حرام عبادة ولاهل الضلال الذين لهم عبادة على غير الوجه الشرعي مكاشفات أحيانا وتأثيرات يأوون كثيرا الى مواضع الشياطين التي نهى عن الصلاة فيها كالحمام والمزبلة واعطان الإبل وغير ذلك مما هو من مواضع النجاسات لان الشياطين تنزل عليهم فيها وتخاطبهم ببعض

<<  <  ج: ص:  >  >>