وان كنت قليل البضاعة قصير الباعه ما يليه الى آخر النظم الكريم ان أمهلني الله العظيم الى قضاء هذا الوطر الجسيم وابيض للناس قدر ما حررته بين الأسابيع والشهور وافرزته بالتسويد أثناء السطور ليكون ذخرا للآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون وشفيعا لى حين لا يجدى نفعا غير الصاد والنون واسأل الله تعالى ان يجعله من صالحات الأعمال وخالصات الآثار وباقيات الحسنات الى آخر الأعمار فانه إذا أراد بعبد خيرا حسن عمله في الناس واهله لخيرات هي بمنزلة العين من الراس وهو الفياض اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اعلم ان الحكمة في التعوذ الاستئذان وقرع الباب لان من اتى باب ملك من الملوك لا يدخل الا باذنه كذلك من أراد قراءة القرآن انما يريد الدخول في المناجاة مع الحبيب فيحتاج الى طهارة اللسان لانه قد تنجس بفضول الكلام والبهتان فيطهره بالتعوذ قال اهل المعرفة هذه الكلمة وسيلة المتقربين واعتصام الخائفين وعتبى المجرمين ورجعى الهالكين ومباسطة المحبين وهو امتثال قول رب العالمين في سورة النحل فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ فالاستعاذة مقدمة على القراءة عند عامة المسلمين وقولهم الجزاء متأخر عن الشرط فيلزم ان يؤخر الاستعاذة قلنا المعنى إذا أردت القراءة وهو تأويل شائع جار مجرى الحقيقة العرفية ثم المختار قول الجمهور وهو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وهو اثبت رواية وفي الحديث (هكذا أقرأنيه جبريل عن القلم عن اللوح المحفوظ) وان كان أستعيذ بالله أوفق دراية لمطابقة المأمور به في قوله فاستعذ وأول ما نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله تعالى عليه وسلم الاستعاذة والبسملة وقوله تعالى اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ اعوذ بمعنى التجئ «پناه ميخواهم» او أستعصم «نكاه داشت ميخواهم» او أستجير «أمان ميخواهم» او أستعين «يارى ميخواهم» او أستغيث «فرياد ومدد ميخواهم» والعوذ والعياذ مصدران كاللوذ واللياذ والصوم والصيام وقول القائل أعوذ اخبار عن فعله وهو في التقدير سؤال الله عز وجل من فضله اى أعذنى يا رب وفي العدول الى لفظ الخبر فائدة التفأل بالوقوع كانه وقع الاعاذة فيخبر عن مطاوعه وسره ما في التفسير الكبير ان بين الرب وعبده عهدا قال الله أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ فكانه يقول انا مع نقص البشرية وفيت بعهد عبوديتى وقلت أعوذ بالله او استغفر الله فانت مع كمال الكرم والفضل اولى
ان تفى بعهد الربوبية وتعيذنى بالله مذهب اهل الحقائق فيه عدم الاشتقاق لانه لا سبيل الى كنه معرفته ولذا قال السعد التفتازانيّ في حواشى الكشاف اعلم انه كما تحيرت الأوهام في ذاته وصفاته فكذا في اللفظ الدال عليه من انه اسم او صفة مشتق او غير مشتق علم او غير علم الى غير ذلك: قال مولانا جلال الدين قدس سره
در تصور ذات او را گنج گو ... تا در آيد در تصور مثل او
واعلم ان كلمات الاستعاذة ثلاث صفاتية وأفعالية وذاتية كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم (أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك) فاختير اسم الجلالة الجامع لتتناول عبارة الاستعاذة انواع الاستعاذة قال في التفسير الكبير الشرور اما من الاعتقاديات ويدخل فيها جميع المذاهب الباطلة وعقائد فرق الضلال الاثنتين والسبعين فرقة واما من الأعمال البدنية فمنها ما