شرابه رجيع نحلة فوارد على طريق التقبيح وان كان العسل فى نفسه مما يستلذ ويستطاب على ان اطلاق الرجيع عليه انما هو لكونه مما يحويه البطن وفى حياة الحيوان قد جمع الله تعالى فى النحلة السم والعسل دليلا على كمال قدرته واخرج منها العسل ممزوجا بالشمع وكذلك عمل المؤمن ممزوج بالخوف والرجاء وهى تأكل من كل الشجر ولا يخرج منها الا حلو إذ لا يغيرها اختلاف مآكلها والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه: وفى المثنوى
اين كه كرمناست وبالا ميرود ... وحيش از زنبور كى كمتر بود «١»
چونكه اوحى الرب الى النحل آمدست ... خانه وحيش پر از حلوا شدست
او بنور وحي حق عز وجل ... كرد عالم را پر از شمع وعسل
وللعسل اسماء كثيرة. منها الحافظ الامين لانه يحفظ ما يودع فيه فيحفظ الميت ابدا واللحم ثلاثة أشهر والفاكهة ستة أشهر وكل ما اسرع اليه الفساد إذا وضع فى العسل طالت مدة مقامه وكان عليه السلام يحب الحلواء والعسل قال العلماء المراد بالحلواء هاهنا كل حلو وذكر العسل بعدها تنبيها على شرفه ومزيته وهو من باب ذكر الخاص بعد العام وفيه جواز أكل لذيذ الاطعمة والطيبات من الرزق وان ذلك لا ينافى الزهد والمراقبة لا سيما إذا حصل انفاق وفى الحديث (أول نعمة ترفع من الأرض العسل) وقال على رضى الله عنه انما لدنيا ستة أشياء مطعوم ومشروب وملبوس ومركوب ومنكوح ومشموم. فاشرف المطعومات العسل وهو مذقة ذباب. واشرف المشروبات الماء يستوى فيه البر والفاجر. واشرف الملبوسات الحرير وهو نسج دودة. واشرف المركوبات الفرس وعليه يقتل الرجال. واشرف المشمومات المسك وهودم حيوان. واشرف المنكوحات المرأة وهى مبال فى مبال مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ من ابيض واخضر واصفر واسود بسبب اختلاف سن النحل فالا بيض يلقيه شباب النحل والأصفر كهولها والأحمر شيبها وقد يكون الاختلاف بسبب اختلاف لون النور قال حكيم يونان لتلامذته كونوا كالنحل فى الخلايا وهى بيوتها قالوا وكيف النحل فى خلاياها قال انها لا تترك عندها بطالا الا نفته وأقصته عن الخلية لانه يضيق المكان ويفنى العسل وانما يعمل النشيط لا الكسل وعن ابن عمر رضى الله عنهما مثل المؤمن كالنحلة تأكل طيبا وتصنع طيبا ووجه المشابهة بينهما حذق النحل وفطنته وقلة أذاه ومنفعته وتنزهه عن الاقذار وطيب أكله وانه لا يأكل من كسب غيره وطاعته لا ميره وان للنحل آفات تقطعه عن عمله منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار وكذلك المؤمن له آفات تغيره عن عمله ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام وماء السفه ونار الجوى فِيهِ اى فى الشراب وهو العسل شِفاءٌ لِلنَّاسِ اى شفاء الأوجاع التي يعرف شفاؤها منه يعنى انه من جملة الاشفية المشهورة النافعة لا مراض الناس وليس المراد انه شفاء لكل مرض كما قال فى حياة الحيوان قوله فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ لا يقتضى العموم لكل علة وفى كل انسان لانه نكرة فى سياق الإثبات بل المراد انه يشفى كما يشفى غيره من الادوية فى حال وكان ابن مسعود وابن عمر رضى الله عنهم يحملانه على العموم قال البيضاوي فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ اما بنفسه كما فى الأمراض البلغمية او مع غيره كما فى سائر
(١) در أوائل دفتر پنجم در بيان سؤال كردن شاه از مدعى پيغمبرى كه چهـ وحي تو آمده