العمر ورب ابن مائة لم يرد اليه وقال قتادة إذا بلغ تسعين سنة يتعطل عن العمل والتصرف والاكتساب والحج والغزو ونحوها ولذا دعا محمد بن على الواسطي لنفسه فقال يا رب لا تحيني الى زمن أكون فيه كلا على أحد خذبيدى قبل ان أقول لمن ألقاه عند القيام خذبيدى وسأل الحجاج شيخا كيف طعمك قال إذا أكلت ثقلت وإذا تركت ضعفت فقال كيف نومك قال أنام فى المجمع واسهر فى المهجع فقال كيف قيامك وقعودك قال إذا قعدت تباعدت عنى الأرض وإذا قمت لزمتنى فقال كيف مشيك قال تعقلنى الشعرة وتعثرنى البعرة لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً ليصير الى حالة شبيهة بحال الطفولية فى سوء الفهم والنسيان وان يعلم شيأ ثم يسرع فى نسيانه فلا يعلمه ان سئل عنه فمؤدى الكلام لينسى ما يعلم وهو يستلزم ان لا يعلم زيادة علم على علمه لانه إذا كان حاله بحيث ينسى ما علم فكيف يزيد علمه واللام فى لكى هى لام كى دخلت على كى للتأكيد وهى متعلقة بيرد. وقال بعضهم اللام جارة وكى حرف مصدرى كأن وشيأ مفعول لا يعلم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بمقادير اعماركم قال الكاشفى [داناست وجهل بر دانايى او طارى نشود] قَدِيرٌ [تواناست وعجز بر توانايى او راه نيايد] اى قدير على كل شىء يميت الشاب النشيط ويبقى الهرم الفاني: قال الشيخ سعدى قدس سره
پس كه در خاك تن درستانرا ... دفن كردند وزخم خورده نمرد
وفيه تنبيه على ان تفاوت الآجال ليس الا بتقدير قادر حكيم ركب أبنيتهم وعدل أمزجتهم على قدر معلوم ولو كان ذلك مقتضى الطبائع لما بلغ التفاوت هذا المبلغ قالوا أسنان الإنسان سبعة أطوار. طور الطفولية الى سبع سنين. ثم الصبى الى اربع عشرة سنة. ثم الشباب الى اثنين وثلاثين سنة. ثم الكهولة. ثم الشيخوخة. ثم الهرم الى منتهى العمر وفى الإرشاد ضبطوا مراتب العمر فى اربع. الاولى سن النشو والنماء. والثانية سن الوقوف وهى سن الشباب. والثالثة سن الانحطاط القليل وهى سن الكهولة. والرابعة سن الانحاط الكثير وهى سن الشيخوخة ولا عمر أسوأ حالا من عمر الهرم الذي يشبه الطفل فى نقصان العقل والقوة وعند إخلاله لا يوجد له شفاء ولا يمنعه دواء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو (أعوذ بك من البخل والكسل وأرذل العمر وعذاب القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات) قال بعضهم حكم الهرم انما يظهر فى حق الكافر لان المسلم يزداد عقله لصلاحه فى طول عمره كرامة له وفى الحديث (من قرأ القرآن لم يردّ الى أرذل العمر) وكذا من يتدبره ويعمل به كما فى تفسير العيون يقول الفقير لا شك ان الجنون والعته ونحوهما من صفات النقصان فالله تعالى لا يبتلى كامل الإنسان أنبياء واولياء فالمراد بقولهم ان العلماء لا يعرض لهم العته وان بلغوا الى أرذل العمر علماء الآخرة والعلماء بالله لا مطلق العلماء كما لا يخفى إذ قد شاهدنا من علماء زماننا من صار حاله الى حال الطفولية ثم ان أرذل العمر وان كان أشد الأزمان وأصعبها لكنه او ان المغفرة ورفعة الدرجة وفى الحديث (إذا بلغ المرء ثمانين سنة أنبتت حسناته ومحيت سيآته وإذا بلغ تسعين سنة غفر الله