للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التهور والجبن والواجب معرفة الوسط فى كل شىء فان القصد ممدوح والافراط والتفريط مذمومان وقال صلى الله عليه وسلم لمن سأله مستشيرا فى الترهب وصيام الدهر وقيام الليل كله بعد زجره إياه (ان لنفسك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولزورك عليك حقا فصم وأفطر وقم ونم) ولما رأى صلى الله عليه وسلم عمر رضى الله عنه يقرأ رافعا صوته فسأله فقال اوقظ الوسنان واطرد الشيطان قال عليه السلام (اخفض من صوتك قليلا) واتى أبا بكر رضى الله عنه فوجده يقرأ خافضا صوته فسأله فقال قد أسمعت من ناجيت فقال عليه السلام له (ارفع من صوتك قليلا) ومثله الامام. فانه لا يجهر فوق حاجة الناس ولا يخافت خافضا صوته بحيث يشتبه عليهم تلاوته فيراعى بين ذلك حذا وسطا والا فهو مسيئ وفى التأويلات النجمية العدل صرف ما اعطاك الله من الآلات الجسمانية والروحانية ومن الأموال الدنيوية ومن شرائع الدين واعماله فى طلب الله

والسير منك به اليه لان صرفه فى طلب غيره ظلم: قال الحافظ

فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ ... كه كار عشق ز ما اين قدر نمى آيد

وَالْإِحْسانِ وان تحسنوا الأعمال مطلقا لقوله عليه السلام (ان الله كتب الإحسان فى كل شىء) وعن فضيل انه قال لو احسن الرجل الإحسان كله وكان له دجاجة فاساء إليها لم يكن من المحسنين- وروى- ان امرأة عذبت فى هرة حبستها ولم تطعمها الى ان ماتت. وامرأة رحمها الله وغفر لها بسبب ان سقت كلبا عطشان بخفها- وحكى- ان حضرة الشيخ الشبلي رحمه الله مر فى بعض طرق بغداد بهرّة ترعد من برد الهواء فاخذها وجعلها فى كمه رحمة لها فكان ذلك سبب قبوله عند الله ووصوله الى درجة الولاية ويدخل فيه العفو عن الجرائم والإحسان الى من أساء هر كه سنكت دهد ثمر بخشش والصبر على الأوامر والنواهي وأداء النوافل فان الفرض لا بد من ان يقع فيه تفريط فيجبره الندب وفى الحديث (حسنوا نوافلكم فبها تكمل فرائضكم) وفى المرفوع (النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطيبها) كما فى المقاصد الحسنة وايضا الإحسان هو المشاهدة كما قال عليه السلام (الإحسان ان تعبد الله كأنك تراه وان لم تكن تراه فانه يراك) وليست المشاهدة رؤية الصانع بالبصر وهو ظاهر بل المراد بها حالة تحصل عند الرسوخ فى كمال الاعراض عما سوى الله وتمام توجهه الى حضرته بحيث لا يكون فى لسانه وقلبه وهمه غير الله وسميت هذه الحالة المشاهدة لمشاهدة البصيرة إياه تعالى كما أشار إليها بعض العارفين بقوله خيالك فى عينى وذكرك فى فمى وحبك فى قلبى فاين لغيب كذا فى الرسالة الرومية وفى التأويلات النجمية الإحسان ان تحسن الى الخلق بما اعطاك الله وأراك سبل الرشاد فترشدهم وتسلك بهم طريق الحق للوصول او الوصال يدل عليه قوله تعالى وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ انتهى وايضا العدل الاعراض عما سوى الله والإحسان الإقبال على الله وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى القربى بمعنى القرابة اى إعطاء الأقارب ما يحتاجون اليه من المال والدعاء بالخير وهو داخل فى الإحسان وانما أفرد بالذكر إظهارا لجلالة صلة الرحم

<<  <  ج: ص:  >  >>