للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي عليه السلام بجسمه وروحه لا حائل لهم واعتبار الاستواء والتعويج من باب التكلف الذي لا يناسب حال المعراج وقد ثبت ان عيسى عليه السلام سينزل الى المنارة البيضاء الدمشقية ولم يعهد انها حيال باب السماء فالجواب العقلي لا يتمشى هاهنا قال فى ربيع الأبرار (ثم قال لى جبريل قم يا محمد فقمت فاذا بسلم من ذهب قوائمه من فضة مركب من اللؤلؤ والياقوت يتلألأ نوره وإذا أسفله على صخرة بيت المقدس ورأسه فى السماء فقيل لى يا محمد اصعد فصعدت) وفى انسان العيون عرج الى السماء من الصخرة على المعراج لا على البراق. والمعراج بكسر الميم وفتحها الذي تعرج أرواح بنى آدم فيه وهو سلم له مرقاة من ذهب وهذا المعراج لم تر الخلائق احسن منه أما رأيت الميت حين يشق بصره طامحا

الى السماء اى بعد خروج روحه فان ذلك عجبه بالمعراج الذي نصب لروحه لتعرج عليه وذلك شامل للمؤمن والكافر الا ان المؤمن يفتح لروحه باب السماء دون الكافر فترد بعد عروجها تحسرا وندامة وتبكيتا له وذلك المعراج اتى به من جنة الفردوس وانه منضد باللؤلؤ اى جعل فيه اللؤلؤ بعضه على بعض عن يمينه ملائكة ويساره ملائكة فصعد صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل وفى كلام بعض المشايخ ان المراد بالمعراج صورة الجذب والانجذاب وتمثيل الصعود والا فالآلة لا تتمشى هناك إذ لا يقاس السير الملكوتي على السير الملكي والظاهر ان عالم الملكوت مشتمل على ما هو صورة ومعنى الصورة هناك تابعة للمعنى كحال صاحب السير والاسراء فانه لو لم يكن جسده تابعا لروحه لتعذر العروج فلصورته صورة ولمعناه معنى وكل منهما خلاف ما تتصوره الأوهام وهو اللائح بالبال والحمد الله الملك المتعال واعلم ان المعدن والنبات والحيوان مركبات تسمى بالمواليد الثلاثة آباؤها الا ثيريات اى الاجرام الاثيرية التي هى الافلاك بما فيها من الاجرام النيرة وأمهاتها العنصريات والعناصر اربعة الأرض والماء والهواء والنار فالارض ثقيل على الإطلاق والماء ثقيل بالاضافة الى الهواء والنار وهو ميحط بأكثر الأرض والهواء خفيف مضاف الى الثقلين يطلب العلو وهو محيط بكرة الأرض والماء والنار خفيف على اطلاق يحيط بكرة الهواء والنبي صلى الله عليه وسلم جاوز هذه العناصر ليلة المعراج بالحركة القسرية والحركة القسرية غير منكورة عندنا وعند المحيلين لهذا الاسراء الجسماني فانا نأخذ الحجر وطبعه النزول فنرمى به فى الهواء فصعوده فى الهواء بخلاف طبعه وبطبعه اما قولنا بخلاف طبعه فان طبعه يقتضى الحركة نحو المركز فصعوده فى الهواء عرضى بالحركة القسرية وهى الرمي به علوا واما قولنا وبطبعه فانه على طبيعة يقبل بها الحركة القسرية ولو لم يكن ذلك فى طبعه لما انفعل لها ولا قبلها وكذلك اختراقه عليه السلام الفلك الاثيرى وهو نار والجسم الإنساني مهيأ مستعد لقبول الاحتراق ثم ان المانع من الاحتراق امور يسلمها الخصم فتلك الأمور كانت الحجب التي خلقها الله سبحانه فى جسم المسرى به فلم يكن عنده استعداد الانفعال للحرق كبعض الأجسام المطلية بما يمنعها من الاحتراق بالنار او امر آخر وهو ان الطريق الذي اخترقه ليس النار فيه الا محمولة فى جسم لطيف ذلك الجسم هو المحرق بالنار فسلب عنه النار وحل به ضدها كنار ابراهيم عليه السلام قال عليه السلام (انتهيت الى بحر اخضر عظيم أعظم

<<  <  ج: ص:  >  >>