إذا سئلوا عن خالق السموات والأرض قالوا الله الا انهم لما جعلوا معه آلهة مع إقرارهم فكأنهم لم ينظروا ولم يقروا لان نتيجة النظر الصحيح والإقرار الثابت خلاف ما كانوا عليه فاذن لم يفهموا التسبيح ولم يستوضحوا الدلالة على الخالق إِنَّهُ كانَ حَلِيماً ولذلك لم يعاجلكم بالعقوبة مع أنتم عليه من الاعراض عن التدبر فى الدلائل والانهماك فى الإشراك. والحلم تأخير مكافأة الظالم بالنسبة الى الخالق والطمأنينة عند سورة الغضب بالنسبة الى المخلوق غَفُوراً لمن تاب منكم ورجع الى التوحيد هذا ما عليه الزمخشري والبيضاوي وابو السعود ومن يليهم من اهل الظاهر وهم الذين لهم عين واحدة وسمع واحد وقال الشيخ على السمرقندي قدس سره فى بحر العلوم ذهب السلف الصالح الى ان التسبيح فى الآية فى المحلين محمول على حقيقته وهو الأصح فانه ان كان كلام الجماد مسلما فينبغى ان يكون تسبيحه ايضا مسلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انى لا عرف حجرا بمكة كان يسلم علىّ قبل ان ابعث انى لا عرفه الآن) وعن ابن مسعود رضى الله عنه ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل على ان شهادة الجوارح والجلود مما نطق به القرآن الكريم وقال ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ كان داود إذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح وقال مجاهد كل الأشياء تسبح الله حيا كان او جمادا وتسبيحها «سبحان الله وبحمده» وعن المقداد بن معدى كرب ان التراب يسبح ما لم يبتل والخربزة تسبح ما لم ترفع من موضعها والورق مادام على الشجر والماء مادام جاريا والثوب مادام جديدا فاذا اتسخ ترك التسبيح والوحش والطير إذا صاحت فاذا سكتت تركت التسبيح وفى الحديث (ما اصطيد حوت فى البحر ولا طائر يطير الا بما يضيع من تسبيح الله) كما فى تفسير المدارك وقال النخعي كل شىء من جماد وحىّ يسبح بحمده حتى صرير الباب ونقيض السقف وقال عكرمة الشجرة تسبح والاسطوانة لا تسبح والشجر او النبات إذا قطع يسبح مادام رطبا قال فى الكواشي وهذا ممكن عقلا وقدرة وذكر فى جنائز الخلاصة يكره قطع الحطب والحشيش الرطب من القبر من غير حاجة اى لانه يسبح وفى الملتقط مقبرة قديمة لم يبق من آثارها شىء ليس للناس ان ينتفعوا بها ولا بالبناء فيها ولا بإرسال الدابة فى حشيشها قال فى فتح القريب المجيب إذا حصلت البركة بتسبيح الجماد فالقرآن الذي هو اشرف الاذكار اولى بحصول البركة ولا سيما إذا كان من رجل صالح ولهذا استحب العلماء قراءة القرآن عند القبر. وهل يغرس الريحان او الجريد على باب منزل القبر او على قافية اللحد. الجواب انه ورد فى الحديث مطلقا فيحصل المقصود بأى موضع غرس فى القبر. وكان عليه السلام يخطب مستندا الى جذع فصنع رجل منبرا ثلاث درجات وأراد النبي عليه السلام ان يقوم على المنبر فحنّ الجذع فرجع النبي عليه السلام اليه ووضع يده عليه وقال (اختر ان اغرسك فى المكان الذي كنت وتكون كما كنت وان شئت اغرسك فى الجنة فتشرب من أنهارها وعيونها فيحسن نبتك وتثمر فيأكل اولياء الله من ثمرك) فاختار الجنة والدار الآخرة على الدنيا فلما قبض النبي عليه السلام رفع الى مكان ففنى وأكلته الارضة وقيل دفن كما قال فى المثنوى