لا يمكن تعلقه بامثال ذلك اى الا علما قليلا تستفيدونه من طرق الحواس فان اكتساب العقل للمعارف النظرية انما هو من الضروريات المستفادة من احساس الجزئيات ولذلك قيل من فقد حسا فقد علما ولعل اكثر الأشياء لا يدركه الحس ولا شيأ من احوال المعرفة لذاته وهو اشارة الى ان الروح مما لم يمكن معرفة ذاته الا بعوارض تميزه عما يلتبس به قال فى بحر العلوم الخطاب فى وَما أُوتِيتُمْ عام ويؤيده ما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لهم ذلك قالوا أنحن مختصون بهذا الخطاب أم أنت معنا فيه فقال (بل نحن وأنتم لم نؤت من العلم الا قليلا) فقالوا ما اعجب شأنك ساعة تقول ومن يؤت الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا وساعة تقول هذا فنزلت وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ وما قالوه باطل مردود فان علم الحادث فى جنب علم القديم قليل إذ علم العباد متناه وعلم الله لا نهاية له والمتناهي بالنسبة الى غير المتناهي كقطرة بالاضافة الى بحر عظيم لا غاية له قال بعض الكبار علم الأولياء من علم الأنبياء بمنزلة قطرة من سبعة أبحر وعلم الأنبياء من علم نبينا محمد عليه السلام بهذه المثابة وعلم نبينا من علم الحق سبحانه بهذه المنزلة فالعلم الذي أوتيه العباد وان كان كثيرا فى نفسه لكنه قليل بالنسبة الى علم الحق تعالى [شيخ ابو مدين مغربى قدس سره فرمود كه اين اندكى كه خداى تعالى داده است از علم نه از ان
ماست بلكه عاريتست نزديك ما وبسيارى آن برسيده ايم پس على الدوام جاهلانيم وجاهل را دعوى دانش نرسد] قال المولى الجامى
سبحانك لا علم لنا الا ما ... علمت وألهمت لنا إلهاما
قال فى الكواشي اختلفوا فى الروح وماهيته ولم يأت أحد منهم على دعواه بدليل قطعى غير انه شىء بمفارقته يموت الإنسان وبملازمته له يبقى انتهى يقول الفقير الروح سلطانى وحيوانى والاول من عالم الأمر ويقال له المفارق ايضا لمفارقته عن البدن وتعلقه به تعلق التدبير والتصرف وهو لا يفنى بخراب هذا البدن وانما يفنى تصرفه فى أعضاء البدن ومحل تعينه هو القلب الصنوبري والقلب من عالم الملكوت والثاني من عالم الخلق ويقال له القلب والعقل والنفس ايضا وهو سار فى جميع أعضاء البدن الا ان سلطانه قوى فى الدم فهو أقوى مظاهره ومحل تعينه هو الدماغ وهو انما حدث بعد تعلق الروح السلطاني بهذا الهيكل المحسوس فهو من انعكاس أنوار الروح السلطاني وهو مبدأ الافعال والحركات فان الحياة امر مغيب مستور فى الحي لا يعلم الا بآثاره كالحس والحركة والعلم والارادة وغيرها ولولا هذا الروح ما صدر من الإنسان ما صدر من الآثار المختلفة لانه بمنزلة الصفة من الذات فكما ان الافعال الالهية تبتنى على اجتماع الذات بالصفة كذلك الافعال الانسانية تتفرع من اجتماع الروح السلطاني بالروح الحيواني وكما ان الصفات الالهية الكمالية كانت فى باطن غيب الذات الاحدية قبل وجود هذه الافعال والآثار كذلك هذا الروح الحيواني كان بالقوة فى باطن الروح السلطاني قبل تعلقه بهذا البدن فاذا عرفت هذا وقفت على معنى قوله عليه السلام (اولياء الله لا يموتون بل ينقلون من دار الى دار) لان الانتقال كالانسلاخ حال الفناء التام وللروح خمسة احوال. حالة العدم قال الله تعالى هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ الآية. وحالة الوجود فى عالم الأرواح قال الله تعالى (خلقت الأرواح