النفوس عَنْ نَفْسٍ اخرى شَيْئاً من الحقوق التي لزمتها اى لا تقضى نفس ليس عليها شىء من الحقوق التي وجبت على نفس اخرى اى لا تؤخذ نفس بذنب اخرى ولا تدفع عنها شيأ واما إذا كان عليها شىء فانها تجزى وتقضى بغير اختيارها بمالها من حسناتها ما عليها من الحقوق كما جاء في حديث ابى هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من كانت له مظلمة لاخيه من عرض او غيره فليستحلل منه اليوم قبل ان لا يكون دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات أخذ من سيآت صاحبه فحمل عليه) وَلا يُقْبَلُ مِنْها اى من النفس الاولى عَدْلٌ اى فداء وهو بفتح العين الفدية وهي ما يماثل الشيء قيمة وان لم يكن من جنسه والعدل بالكسر ما يساوى الشيء في الوزن والجرم من جنسه والمعنى لا يؤخذ منها فدية تنجو بها من النار ولا تجد ذلك لتفتدى به وسميت
الفدية عدلا لانها تعادل ما يقصد إنقاذه وتخليصه يقال فداه إذا اعطى فداءه فانقذ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ ان شفعت للنفس الثانية وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ اى يمنعون من عذاب الله تعالى واعلم ان المستوجب للعذاب يخلص منه في الدنيا بأحد اربعة امور اما بان ينصره ناصر قوى فيخلصه ويدفع العذاب عنه قهرا او بان يفديه اى بان يعطى أحد أشياء غير ما عليه من الحق وذلك الشيء هو الفدية وهو الفداء فانقذه به فالله تعالى بين هول يوم القيامة بان نفى ان يدفع العذاب أحد عن أحد بشئ من هذه الوجوه المحتملة في الدنيا قال السعدي قدس سره
قيامت كه نيكان با على رسند ... ز قعر ثرى بر ثريا رسند
ترا خود بماند سر از ننگ پيش ... كه كردت بر آيد عملهاى خويش
برادر ز كار بدان شرم دار ... كه در روى نيكان شوى شرمسار
در ان روز كز فعل پرسند وقول ... أولوا العزم را تن بلرزد ز هول
بجايى كه دهشت خورد انبيا ... تو عذر گنه را چهـ دارى بيا
ثم اعلم ان الله تعالى بدأ قصة بنى إسرائيل بهاتين الآيتين ففى الآية الاولى تذكير النعمة وفي الاخرى تخويف العقوبة وبهما ختم القصة مبالغة في النصح وإيذانا بان المقصود من القصة ذلك ودل قوله تعالى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ على قبح الصحبة باهل الهوى والبدع والاتباع لهم في أقوالهم وأفعالهم وفي الحديث (من اتبع قوما على أعمالهم حشر في زمرتهم) اى في جماعتهم (وحوسب يوم القيامة بحسابهم وان لم يعمل بأعمالهم) وربما يكون للانسان شركة اى في اثم القتل والزنى وغيرهما إذا رضى به من عامل واشتد حرصه على فعله وفي الحديث (من حضر معصية فكرهها فكأنما غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها كان كمن حضرها) وحضور مجلس المعصية إذا كان لحاجة او لاتفاق جريانها بين يديه ولا يمكن دفعها فغير ممنوع واما الحضور قصدا فممنوع ومن سنة السلف الصالحين الانقطاع عن مجالس اهل اللغو واللهو والمجانبة عن اتباع اهل الهوى والبدع وروى ان ابن المبارك رؤى في المنام فقيل له ما فعل ربك بك فقال عاتبنى وأوقفنى ثلاثين سنة بسبب انى نظرت باللطف يوما الى مبتدع