فيه بل ربما دخله لا خراج المحبوس واستنقاذ المأسور فالنفوس النبوية ومن يتبعها انما وردت الى عالم الكون والفساد لاستنقاذ النفوس المحبوسة المأسورة فكما ان المحبوس إذا اتبع ذلك الداخل خرج ونجا فكذلك من اتبع الأنبياء فى سننهم ومناهجهم خرج ونجا الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا الزينة مصدر فى الأصل اطلق على المفعول مبالغة كأنهما نفس الزينة والمعنى ان ما يفتخر به الناس لا سيما رؤساء العرب من المال والبنين شىء يتزينون به فى الحياة الدنيا ويفنى عنهم عن قريب. وبالفارسية [مال و پسران آرايش زندكانئ دنيا آمدند توشه راه معاد چهـ باندك زمانى تلف وهدف زوال خواهد شد] وفى المثنوى
همچنين دنيا اگر چهـ خوش شكفت ... بانك هم زد بيوفايئ خويش كفت
كون مى كويد بيا من خوش پى ام ... وان فسادش كفت رو من لا شى أم
كودكى از حسن شد مولاى خلق ... بعد فردا شد خرف رسواى خلق
وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ الباقيات اسم لاعمال الخير لا وصف ولذا لم يذكر الموصوف اى اعمال الخير التي تبقى ثمراتها ابد الآباد من الصلاة والصوم واعمال الحج وسبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ونحو ذلك من الكلم الطيب- روى- انه عليه السلام خرج على قومه فقال (خذوا جنتكم) قالوا يا رسول الله أمن عدو حضر قال (لا بل من النار) قالوا وما جنتنا من النار قال (سبحان الله) الى آخر الكلمات قال الكاشفى [بعض علما برانند كه باقيات صالحات بنات است كه بحكم هن ستر من النار سبب خلاص والدين باشند] وفى الحديث (من ابتلى) الابتلاء هو الامتحان لكن اكثر استعمال الابتلاء فى المحن والبنات مما تعد منها لان غالب هوى الخلق فى الذكور (من هذه البنات بشئ) من بيانية مع مجرورها حال من شىء (فاحسن إليهن) فسر الشارح هنا الإحسان بالتزويج بالاكفاء لكن الاوجه ان يعمم الإحسان (كن له سترا من النار) لان احتياجهن اليه كان اكثر حال الصغر والكبر فمن يسترهن بالإحسان يجازى بالستر من النيران كما فى شرح المشارق لابن الملك خَيْرٌ من الفانيات الفاسدات من المال والبنين عِنْدَ رَبِّكَ اى فى الآخرة ثَواباً عائدة تعود الى صاحبها وَخَيْرٌ أَمَلًا رجاء حيث ينال بها صاحبها فى الآخرة كل ما كان يؤمله فى الدنيا واما مامر من المال والبنين فليس لصاحبه امل يناله والآية تزهيد للمؤمنين فى زينة الحياة الدنيا الفانية وتوبيخ للمفتخرين بها قال بعضهم لا ينجو من زينة الحياة الدنيا الا من كان باطنه مزينا بانوار المعرفة وضياء المحبة ولمعان الشوق وظاهره مزينا بآداب الخدمة وشرف الهمة وعلو النفس وتغلب زينة باطنه زينة حب الدنيا شوقا منه الى ربه وتغلب زينة ظاهره زينة الدنيا لان زينتها ازين وعن الضحاك عن النبي عليه السلام انه قيل يا رسول الله من ازهد الناس قال (من لم ينس القبر والبلى وترك فضول زينة الدنيا وآثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد من أيامه غدا وعد نفسه من الموتى) وفى الحديث (قال الله تعالى يفرح عبدى المؤمن إذا بسطت له شيئا من الدنيا وذلك ابعد له منى ويحزن إذ اقترت عليه الدنيا وذلك اقرب له منى) ثم تلا عليه السلام هذه الآية يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ