أفريدون الملك العادل العاقل قبل موسى وكان على مقدمة ذى القرنين الأكبر وبقي الى ايام موسى وهو قد بعث فى ايام كشتاسف بن لهراسب كما قاله ابن الأثير فى تاريخه فقال يا رب اين اطلبه وكيف يتيسرلى الظفر به والاجتماع معه قال اطلبه على ساحل البحر عند الصخرة وخذ حوتا مملوحا فى مكتل يكون زادا لك فحيث فقدته اى غاب عنك فهو هناك فاخذ حوتا فجعله فى مكتل فقال لفتاه إذا فقدت الحوت فاخبرنى والمعنى اذكر وقت قول موسى بن عمران لما فيه من العبرة وزعم اهل التوراة ان موسى هذا هو موسى بن ميشا بن يوسف النبي عليه السلام وانه كان نبيا قبل موسى بن عمران لاستبعادهم ان يكون كليم الله المختص بالمعجزات الباهرة مبعوثا للتعلم والاستفادة ممن هو دونه فلهذا لا يبعد عن العامل الكامل ان يجهل بعض الأشياء فالفاضل قد يكون مفضولا من وجه بل المراد منه صاحب التوراة واطلاق هذا الاسم يدل عليه لانه لو أراد غيره لقيده كما يقال قال ابو حنيفة الدينوري تمييزا عن ابى حنيفة الامام لِفَتاهُ وهو يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف وهو ابن اخت موسى وكان من اكبر أصحابه ولم يزل معه الى ان مات وخلفه فى شريعته وكان من أعظم بنى إسرائيل بعد موسى سمى فتاه إذ كان يخدمه ويتبعه ويتعلم منه ويسمى الخادم والتلميذ فتى وان كان شيخا واليه يشير القول المشهور «تعلم يافتى فالجهل عار» وهو عبد حكمى كما قال شعبة من كتبت عنه اربعة أحاديث فانا عبده الى ان أموت وقيل لعبده وانما قال لفتاه تعليما للادب قال عليه السلام (ليقل أحدكم فتاى وفتاتى ولا يقل عبدى وأمتي) قال ابو يوسف من قال انا فتى فلان كان إقرارا منه بالرق يقول الفقير المشهور وهو الوجه الاول وتأبى جلالة هذا السفر الا ان يكون الصاحب من اولى الخطر ونظيره ان نبينا صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة لم يرض برفاقته فى سفره الا الصديق رضى الله عنه لكونه أعز أصحابه وخليفته بعده كما ان يوشع صار خليفة موسى بعده لا أَبْرَحُ من برح الناقص كزال يزال اى لا أزال أسير فحذف الخبر اعتمادا على قرينة الحال إذ كان ذلك عند التوجه الى السفر ويدل عليه ايضا ذكر السفر فى قوله لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا فقول سعدى المفتى لا دلالة فى نظم القرآن على هذا ولعله علم من الأثر او من اخبار المؤرخين ذهول عما بعد الآية حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ هو ملتقى بحر فارس والروم مما يلى المشرق وهو المكان الذي وعد الله موسى بلقاء الخضر فيه قال سعدى المفتى بحرا فارس والروم انما يلتقيان فى المحيط على ما سيجئ فى سورة الرحمن اعنى المحيط الغربي فان الالتقاء هناك كما لا يخفى على من يعرف وضع البحار فالمراد بملتقاهما هنا موضع يقرب التقاؤهما فيه مما يلى المشرق ويعطى لما يقرب من الشيء حكم ذلك الشيء ويعبر به عنه انتهى وفيه اشارة الى ان موسى والخضر عليهما السلام بحران لكثرة علمهما أحدهما وهو موسى بحر الظاهر والباطن والغالب عليه الظاهر اى الشريعة والآخر وهو الخضر بحرهما والغالب عليه الباطن اى الحقيقة إذ تتفاوت الأنبياء عليهم السلا بحسب غلبة الجمال او الجلال على نشأتهم وسيأتى التحقيق ان شاء الله تعالى فملتقاهما إذا المكان الذي يتفق اجتماعهما فيه لا موضع معين أَوْ أَمْضِيَ من مضى فى الأمر بمعنى نفذ وأمضاه انفذه