من الله وقوله رُشْداً طلب للارشاد اى ما لولاه لضل وهذا يدل على انه طلب ان يعامله بمثل ما عامله الله به اى ينهم بالتعليم كما أنعم الله عليه فان البذل من الشكر: قال الحافظ
اى صاحب كرامت شكرانه سلامت ... روزى تفقدى كن درويش بي نوا را
قال قتادة لو كان أحد مكتفيا من العلم لا كتفى نحبى الله موسى ولكنه قال هَلْ أَتَّبِعُكَ الآية وقال الزجاج وفيما فعل موسى وهو من اجلة الأنبياء من طلب العلم والرحلة فى ذلك ما يدل على انه لا ينبغى لاحد ان يترك طلب العلم وان كان قد بلغ نهايته ولذا ورد (اطلبوا العلم من المهد الى اللحد) : وفى المثنوى
خاتم ملك سليمانست علم ... جمله عالم صورت وجانست علم «١»
قال العلماء ولا ينافى نبوة موسى وكونه صاحب شريعة ان يتعلم من نبى آخر مالا يتعلق له باحكام شريعته من اسرار العلوم الخفية وقد امر الله بأخذ العلم منه فلا دلالة له قال شيخى وسندى روح
الله روحه تعليم موسى وتربيته بالخضر انما هو من قبيل تعليم الا كمل وتربيته بالكامل لانه تعالى قد يطلع الكامل على اسرار يخفيها عن الأكمل وإذا أراد ان يطلع الأكمل عليها ايضا فقد يطلعه بالذات وقد يطلعه بواسطة الكامل ولا يلزم من توسط الكامل ان يكون أكمل من الأكمل او مثله والكامل كامل مطلقا والأكمل أكمل مطلقا والرجحان للاكمل جدا ولا تسمع الى غير ذلك مما يقول الضالون وقول الخضر لموسى عليه السلام يا موسى أنت على علم علمك الله وانا على علم علمنى الله انما هو بناء على الامتياز المعتبر بينهما بحسب الغالب فى نشأة كل منهما والا فالعلم الظاهر والباطن حاصلان فى نشأة كل منهما انتهى وفهم منه جواب ما سبق من قوله ان لى عبدا بمجمع البحرين هو اعلم منك فان المراد اثبات أعلميته فى علم من العلوم الخاصة دون سائرها وقد انعقد الإجماع على ان نبينا عليه السلام اعلم الخلق وأفضلهم على الإطلاق وقد قال (أنتم اعلم بامور دنياكم) وفى قصص الأنبياء بينماهما على ساحل البحر إذ اقبل طائر وغمس منقاره فى البحر ثم أخرجه ومسحه على جناحه ثم طار نحو المشرق ثم اطار نحو المغرب ثم رجع وصاح فقال الخضر يا موسى أتدري ما قال هذا الطائر قال لا قال انه يقول ما اوتى بنوا آدم من العلم الا بمقدار ما أخذت من هذا البحر بمنقاري
از علم تو نكته ايست عالم ... زان دائره نقطه ايست آدم
وفى التأويلات النجمية من آداب المريد الصادق بعد طلب الشيخ ووجدانه ان يستجيز منه فى اتباعه وملازمة صحبته تواضعا لنفسه وتعظيما لشيخه بعد مفارقة أهاليه وأوطانه وترك مناصبه واتباعه وإخوانه وأخدانه كما كان حال موسى إذ قال للخضر هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً بإرشاد الله لك اى تعلمنى طريق الاسترشاد من الله بلا واسطة جبريل والكتاب المنزل ومكالمة الحق تعالى فان جميع ذلك كان حاصلا له فان قيل فهل مرتبة فوق هذه المراتب الثلاث قلنا ان هذه المراتب وان كانت عزيزة جليلة ولكن مجيئ جبريل يقتضى الواسطة وإنزال الكتاب يدل على البعد والمكالمة تنبئ عن الاثنينية والرشد الحقيقي من الله للعبد هو ان يجعله قابلا لفيض نور الله بلا واسطة وذلك بتجلى جماله وجلاله الذي كان مطلوب
(١) در اواسط دفتر يكم در بيان ذكر دانش خركوش وبيان فضيلت ومنافع دانش