للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جهة ربنا واصل الوحى الاشارة السريعة وذلك قد يكون بالكلام الخفي على لسان جبريل وقد يكون بالإلهام وبالمنام والوحى الى موسى بوساطة جبريل والى هارون بوساطته ووساطة موسى أَنَّ الْعَذابَ اى كل العذاب لانه فى مقابله السلام اى كل السلام وهو العذاب الدنيوي والأخروي الدائم لان العذاب المتناهي كلا عذاب فلا يرد انه يلزم قصر العذاب على المكذبين مع ان غيرهم قد يعذبون عَلى مَنْ كَذَّبَ بآياته تعالى وكفر بما جاء به الأنبياء عليهم السلام والكذب يقال فى المقال وفى الفعال وَتَوَلَّى إذا عدى بعن لفظا او تقديرا اقتضى معنى الاعراض وترك الولي اى القرب فالمعنى اعرض عن قبولها بمتابعة الهوى وفيه من التلطيف فى الوعيد حيث لم يصرح بحلول العذاب به مالا مزيد عليه يقول الفقير ان كلا من تكذيب الرسوم والحقائق سبب العذاب والهوان مطلقا فكفار الشريعة كفار الرسوم والحقائق جميعا فلهم عذاب جسمانى وروحانى وكفار الحقيقة كفار الآيات الحقيقية فلهم هوان معنوى فالنعيم والعزة فى الاطاعة والاتباع والاستسلام كما ان الجحيم والذل فى خلافها- حكى- ان بعض السادات لما رأى عبد الله ابن المبارك فى عزة ورفعة مع جماعة قال انظروا الى حال آل محمد وعزة ابن المبارك فقال ابن المبارك ان سيدنا لما لم يراع سنة جده ذل وابن المبارك لما أطاع النبي عليه السلام وسار سيرته أعطاه الله عزا وشرفا واعلم ان عزة فرعون وشرفه انقلبا ذلا وهو انا بسبب تكذيب موسى واعراضه عن قبول دعوته وهامان وان كان سببا صوريا فى امتناعه عن القبول ونكوله عن الانقياد لكن لم يكن له فى اصل جبلته استعداد لقبول الحق فلا يغرنكم عزة الدنيا مع عدم الاطاعة لانه ينقلب يوما ذلا وخسرانا وكثيرا ما وقع فى الدنيا ورأيناه فاقبل النصيحة مع مداومة مجلس العلم والا فعند ظهور الحق ووجود الاستعداد والقابلة لا يبقى غير الاستسلام وان منعه العالم باسرهم عن ذلك ألا ترى ان النجاشي ملك الحبشة لما علم علما جازما ان الرسول حق اتبعه من غير خوف من أحد من العالمين ومبالاة لكلام أحد فى ذلك فنجا من العذاب نجاة ابدية ثم اعلم انه كما ان للانبياء معجزات فكذا للاولياء كرامات العلمية منها هى التي حق اعتبارها فان الكونية مما يشترك فيه الملتان فالكرامات العلمية آيات الأولياء جاؤا بها من الله من طريق الكشف الصحيح فمن اتبع هداهم بقبول آياتهم الهادية الى عالم الحقيقة فقد سلم من الإنكار مطلقا صوريا او معنويا ونجا من العذاب قطعا صوريا او معنويا وهو عذاب القطيعة والبعد ودخل المكذب فى النار مع الداخلين والعجب ان الأنبياء والأولياء مع كونهم رحمة من الله على عباده إذ لا نعمة فوق الإرشاد وإيصال المريدين الى المراد لم يدر جاههم اكثر الناس ولم يوفق لا تباعهم الا اقل من القليل وبقي البقية كالنسناس ولذا لم يمض قرن من القرون الا والعذاب بالعصاة مقرون فانظر من أنت وما بغيتك فان كنت تطلب النجاة فلا تجدها الا فى الإطاعة وخصوصا فى هذا الزمان المشوب بالجور والعدوان والفسق والعصيان والطالب على أهاليه الابتلاء بانواع البلايا الموبقة وعلى تقدير الاطاعة والاتباع يلزم للمريد ان يخرج من البين ويجعل جل همه

<<  <  ج: ص:  >  >>