للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعصية فعل محرم وقع عن قصد اليه والزلة ليست بمعصية ممن صدرت عنه لانها اسم لفعل حرام غير مقصود فى نفسه للفاعل ولكن وقع عن فعل مباح قصده فاطلاق اسم المعصية على الزلة فى هذه الآية مجاز لان الأنبياء عليهم السلام معصومون من الكبائر والصغائر لا من الزلات عندنا وعند بعض الاشعرية لم يعصموا من الصغائر وذكر فى عصمة الأنبياء ليس معنى الزلة انهم زلوا عن الحق الى الباطل ولكن معناها انهم زلوا عن الأفضل الى الفاضل وانهم يعاتبون به لجلال قدرهم ومكانتهم من الله تعالى قال ابن الشيخ فى حواشيه العصيان ترك الأمر وارتكاب المنهي عنه وهو ان كان عمدا يسمى ذنبا وان كان خطأ يسمى زلة والآية دالة على انه عليه السلام صدرت عنه المعصية والمصنف سماها زلة حيث قال وفى النعي عليه بالعصيان والغواية مع صغر زلته تعظيم الزلة وزجر بليغ لأولاده عنها انتهى بناء على انه انما ترك الانتهاء عن أكل الشجرة اجتهادا لابان تعمد المعصية ووجه الاجتهاد انه عليه السلام حمل النهى على التنزيه

دون التحريم وحمل قوله تعالى هذِهِ الشَّجَرَةَ على شجرة بعينها دون جنسها ومع ذلك الظاهر ان هذه الواقعة انما كانت قبل نبوته وفى الاسئلة المقحمة فان قيل فاذا كان هذا خطأ فى الاجتهاد ومن اجتهد فاخطأ لا يؤخذ به فكيف آخذ آدم بذلك قلنا لم يكن هذا موضع الاجتهاد إذا كان الوحى يتواتر عليه نزوله فكان تفريطه لو اجتهد فى غير الاجتهاد فان قيل فهل اوحى اليه ليعلم ذلك قلنا انقطع عنه الوحى ليقضى الله تعالى ما اراده كما انقطع عن الرسول عليه السلام ثمانية عشر يوما وقت افك عائشة رضى الله عنها ليقضى الله تعالى ما اراده وفى الكبير فان قيل دل هذا على الكبيرة لان العاصي اسم ذم فلا يليق الا بصاحب الكبيرة ولان الغواية ترادف الضلالة وتضاد الرشد ومثله لا يتناول الا المنهمك فى الفسق وأجيب بان المعصية خلاف الأمر والأمر قد يكون بالمندوب ويقال أمرته بشرب الدواء فعصانى فلم يبعد إطلاقه على آدم لا لانه ترك الواجب بل لانه ترك المندوب وفيه ايضا ليس لاحد ان يقول كان آدم عاصيا غاويا لوجوه. الاول قال العتبى يقال للرجل قطع ثوبا وخاطه قد قطعه وخاطه ولا يقال خائط وخياط الا إذا عاود الفعل فكان معروفا به والزلة لم تصدر من آدم إلا مرة فلا تطلق عليه. والثاني ان الزلة ان وقعت قبل النبوة لم يجز بعد ان شرف الله تعالى بالرسالة إطلاقها عليه وان كانت بعد النبوة فكذلك بعد ان تاب كما لا يقال للمسلم التائب انه كافر أو زان او شارب خمر اعتبارا بما قبل إسلامه وتوبته. والثالث ان قولنا عاص وغاو يوهم عصيانه فى الأكثر وغوايته عن معرفة الله والمراد فى القصة ليس ذلك فلا يطلق دفعا للوهم الفاسد. والرابع يجوز من الله ما لا يجوز من غيره كما يجوز للسيد فى ولده وعبده عند المعصية قول مالا يجوز لغيره قال الحسن والله ما عصى الا بنسيان قال جعفر طالع الجنان ونعيمها فنودى عليه الى يوم القيامة وعصى آدم ولو طالعها بقلبه لنودى عليه بالهجران الى ابد الآباد وفى التأويلات النجمية وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ بصرف محبته فى طلب شهوات نفسه فَغَوى بصرف الفناء فى الله فى طلب الخلود وملك البقاء فى الجنة انتهى: وفى المثنوى

چيست توحيد خدا آموختن ... خويشتن را پيش واحد سوختن

كر همى خواهى كه بفروزى چوروز ... هستئ همچون شب خود را بسوز «١»


(١) در اواخر دفتر يكم در بيان كبودى زدن مرد قزوينى بر شانه كاه إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>