للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرد منكم خلقا اجماليا مِنْ تُرابٍ فى ضمن خلق آدم منه وفى الحديث (ان الله جعل الأرض ذلولا تمشون فى مناكبها وخلق بنى آدم من تراب ليذلهم بذلك فابوا الا نخوة واستكبارا ولن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من كبر) ثُمَّ خلقناكم خلقا تفصيليا مِنْ نُطْفَةٍ هى الماء الصافي قل او كثر ويعبر بها عن ماء الرجل من نطف الماء إذا سال او من النطف وهو الصب ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ قطعة من الدم جامدة مكونة من المنى ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ اى قطعة من اللحم مكونة من العلق وهى فى الأصل مقدار ما يمضغ مُخَلَّقَةٍ بالجر صفة مضغة اى مستبينة الخلق مصورة وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ اى لم يستبن خلقها وصورتها بعد والمراد تفصيل حال المضغة وكونها او لا قطعة لم يظهر فيها شىء من الأعضاء ثم ظهر بعد ذلك شىء لكنه آخر غير المخلقة لكونها عدم الملكة كذا فى الإرشاد ويؤيده قول حضرة النجم فى التأويلات (مُخَلَّقَةٍ) اى منفوخة فيها الروح (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) اى صورة لا روح فيها وفى الحديث (ان أحدكم يجمع خلقه) اى يحرز ويقر مادة خلقه (فى بطن امه) اى فى رحمها من قبيل ذكر الكل وارادة الجزء (أربعين يوما) - روى- عن ابن مسعود رضى الله عنه ان النطفة إذا وقعت فى الرحم فاراد الله ان يخلق منها تنشر فى بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعرة فتمكث أربعين ليلة ثم تنزل دما فى الرحم فذاك جمعها (ثم تكون علقة مثل ذلك ثم تكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله اليه الملك فينفخ فيه الروح) وهذا يدل على ان التصوير يكون فى الأربعين الثاني لكن المراد تقدير تصويرها لان التصوير قبل المضغة لا يتحقق عادة (ويؤمر بأربع كلمات) يعنى يؤمر الملك بكتابه اربع من القضايا وكل قضية سميت كلمة (بكتب رزقه واجله) اى مدة حياته (وعمله وشقى) وهو من وجبت له النار (او سعيد) وهو من وجبت له الجنة قدم ذكر شقى لان اكثر الناس كذا لِنُبَيِّنَ لَكُمْ اى خلقناكم على هذا النمط البديع لنبين لكم بذلك امر البعث والنشور فان من قدر على خلق البشر اولا من تراب لم يشم رائحة الحياة قط فهو قادر على إعادته

بعث انسان كر نشد نزدت عيان ... أول خلقش نكر هذا بيان

هر كه بر إيجاد او قادر بود ... قدرتش بر بعث او ظاهر شود

اوست خلاقى كه از بعد خزان ... ميكند پيدا بهار بوستان

وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ استئناف مسوق لبيان حالهم بعد تمام خلقهم اى ونحن نقر فى الأرحام بعد ذلك ما نشاء ان نقره فيها إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وقت معين هو وقت الوضع وأدناه ستة أشهر عند الكل وأقصاه سنتان عند ابى حنيفة رحمه الله واربع سنين عند الشافعي وخمس سنين عند مالك- روى- ان الضحاك بن مزاحم التابعي مكث فى بطن امه سنتين ومالكا ثلاث سنين كما ذكره السيوطي واخبر الامام مالك رحمه الله ان جارة له ولدت ثلاثة أولاد فى اثنتي عشرة سنة تحمل اربع سنين وفيه اشارة الى ان بعض ما فى الأرحام لا يشاء الله تعالى إقراره فيها بعد تكامل خلقه فيسقط ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ اى من بطون أمهاتكم بعد إقراركم فيها عند تمام الاجل المسمى حال كونكم طِفْلًا أطفالا بحيث لا تقومون

<<  <  ج: ص:  >  >>