للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروح ووقف على اسرار البرزخ واحوال القبر وما فيه من الألم واللذة الجسمانيين وانحل عندك وجه كونه روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران فالشهداء احياء بالحياة البرزخية متنعمون لانهم أجسام لطيفة كالملائكة فانهم موجودون احياء قال المولى الفنارى في تفسير الفاتحة كل نعيم يتنعم به الصديقون والشهداء والصالحون في البرزخ خيالى وكذا كل عذاب يتألم به الجهنميون ومصداق ذلك انه إذا نفخ في الصور وبعث الخلق ينسى كل واحد منهم حاله في البرزخ ويتخيل ان ذلك الذي كان فيه منام كما تخيله المستيقظ وقد كان حين مات وانتقل الى البرزخ كالمستيقظ هناك وان الحياة الدنيا كانت له كالمنام وفي

الآخرة يعتقد في امر الدنيا والبرزخ انه منام في منام وان اليقظة الصحيحة هي التي هو عليها في الدار الآخرة حيث لا نوم فيها ولا نوم بعدها انتهى كلامه قال في اسئلة الحكم ان امور البرزخ والآخرة على النمط الغير المألوف في الدنيا والأرواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسى جسمانى لكن ذلك نعيم او عذاب معنوى حتى تبعث أجسادها فترد إليها فتتنعم عند ذلك حسا ومعنى ألا ترى الى بشر الحافى قدس سره لما رؤى في المنام قيل له ما فعل الله بك قال غفر لى وأباح لى نصف الجنة يعنى روحه متنعمة بالجنة بما يليق بها في مقامه والنصف الآخر هو الجنة التي يدخلها ببدنه إذا حشر فيكمل النعيم بالنصف الآخر والاكل الذي راه الميت بعد موته في البرزخ هو كالاكل الذي يراه النائم في النوم والنعيم به مثل النعيم به سواء كما قال عليه السلام (انى أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) وكذلك كل شخص غير ان الفرق بين الرسول وغيره في هذه الصورة ان جسم النبي يبيت جائعا ويستيقظ وهو شبعان وغير النبي يأكل في منامه وهو جيعان ويستيقظ وهو كذلك وإذا رأى الولي الوارث ذلك وقد وجد أثر الشبع او الري فذلك من اجزاء النبوة التي وردت في الميراث إذ الرؤيا جزؤ من ستة وأربعين جزأ من النبوة وقد رأى ذلك كثير من الأولياء وأصبحوا وعليهم رائحة الطعام الذي أكلوه وشبعوا فهذه وراثة نبوبة فقوله عليه السلام (انى لست كهيئتكم) باعتبار الغالب لا باعتبار الكل فتنعم الشهداء فى البرزخ بمرتبة تنعم الولي الوارث في المنام فافهم هذا المقام فان الجسم المبحوث عنه هاهنا هو الجسم اللطيف وتنعم بما يليق بمرتبته في البرزخ سواء عبرت عنه بالخيالى او بالمعنوي او بالجسماني اى المنسوب الى الجسم اللطيف لا الكثيف فان اللذة الجسمانية المتعلقة بالجسد الكثيف حال الدنيا لا غير قيل يا رسول الله هل يحشر مع الشهداء أحد قال (نعم من يذكر الموت في اليوم والليلة عشرين) مرة وفي التأويلات النجمية الاشارة لا تحسبوا من قتل من اهل الجهاد الأكبر بسيف جلال الله في سبيل الله بالفناء في الله أمواتا وان فنيت أوصاف وجودهم فانهم احياء بشهود موجدهم ومن كان فناؤه في الله كان بقاؤه بالله فتارة يفنيهم بسطوات تجلى صفات الجلال وتارة يحييهم بنفحات ألطاف الجمال فانهم يسرحون في رياض الجمال ولكن لا تشعرون بأحوالهم ولا تطلعون عليها قال القشيري لئن فنيت في الله أشباحهم لقد بقيت بالله أرواحهم وقال الجنيد من كانت حياته بنفسه يكون مماته بذهاب روحه ومن كانت حياته بربه فانه ينتقل من حياة الطبع الى حياة الأصل وهو الحياة الحقيقية: وفي المثنوى

مى كند دندان بد را آن طبيب ... تا رهد از درد وبيمارى حبيب

<<  <  ج: ص:  >  >>