للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستأذنون فاذا استأذنوك فى الانصراف لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ الشأن الحال والأمر ولا يقال الا فيما يعظم من الأحوال والأمور كما فى المفردات لبعض أمرهم المهم او خطبهم الملم لم يقل لشؤنهم بل قيد بالبعض تغليظا عليهم فى امر الذهاب عن مجلس رسول الله مع العذر المبسوط ومساس الحاجة فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ لما علمت فى ذلك من حكمة ومصلحة فلا اعتراض عليك فى ذلك وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ بعد الاذن فان الاستئذان وان كان لعذر قوى لا يخلو عن شائبة تفضيل امر الدنيا على الآخرة ففيه اشارة الى ان الأفضل ان لا يحدث المرء نفسه بالذهاب فضلا عن الذهاب إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ مبالغ فى مغفرة فرطات العباد رَحِيمٌ مبالغ فى افاضة اثر الرحمة عليهم وفى الآية بيان حفظ الأدب بان الامام إذا جمع الناس لتدبير امر من امور المسلمين ينبغى ان لا يرجعوا الا باذنه ولا يخالفوا امير السرية ويرجعوا بالاذن إذا خرجوا للغزو ونحوه وللامام ان يأذن وله ان لا يأذن الا على ما يرى فمن تفرق بغير اذن صار من اهل الهوى والبدع وكان عليه السلام إذا صعد المنبر يوم الجمعة وأراد رجل الخروج وقف حيث يراه فيأذن له ان شاء ولذا قال عظماء الطريقة قدس الله أسرارهم ان

المريد إذا أراد ان يخرج لحاجة ضرورية ولم يجد الشيخ مكانه فانه يحضر الباب ويتوجه بقلبه فيستأذن من روحانية الشيخ حتى لا يستقل فى خروجه بل يقع ذلك من طريق المتابعة فان للمتابعة تأثيرا عظيما قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان المريد الصادق من يكون مستسلما لتصرفات شيخه وان لا يتنفس الا بإذن شيخه ومن خالف شيخه فى نفسه سرا او جهرا لا يشم رائحة الصدق وسيره غير سريع وان بدر منه شىء من ذلك فعليه بسرعة الاعتذار والإفصاح عما حصل منه من المخالفة والخيانة ليهديه شيخه الى ما فيه كفارة جرمه ويلتزم فى الغرامة بما يحكم به عليه وإذا رجع المريد الى الله والى شيخه بالصدق وجب على شيخه جبران تقصيره بهمته فان المريدين عيال على الشيوخ فرض عليهم ان ينفقوا عليهم من قوت أموالهم بما يكون جبرانا لتقصيرهم انتهى فعلى المريدين ان يوافقوا مشايخهم فى جميع الأحوال وان لا يستبدوا بآرائهم فى امور الشريعة والطريقة وان لا يخالفوهم بالاستبعاد بالخروج من عندهم الى السفر والحضر والمجاهدة والرياضة قال عبد الله الرازي قال قوم من اصحاب ابى عثمان لابى عثمان قدس سره أوصنا قال عليكم بالاجتماع على الدين وإياكم ومخالفة الأكابر والدخول فى شىء من الطاعات الا بإذنهم ومشورتهم وواسوا المحتاجين بما أمكنكم فارجو ان لا يضيع الله لكم سعيا انتهى فمن وقع منه تقصير فلا يقنط فان لله تعالى قبولا ثم قبولا: قال المولى الجامى

بلى نبود درين ره نا اميدى ... سياهى را بود رو در سفيدى

ز صد در كر اميدت بر نيايد ... بنوميدى جكر خوردن نشايد

در ديكر ببايد زد كه ناكاه ... از آن در سوى مقصود آورى راه

والله تعالى يقبل التوبة والاستغفار واعلم ان هذه الأبيات تشير الى أبواب الشفاعة وكثرتها والا فمن رده باب من الأبواب الحقة فلا تقبله سائر الأبواب ألا ترى ان من رده الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>