السواء فانه سمى به لاستواء الطرفين فالآية نظير قوله تعالى فى سورة الاسراء (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً)
وسط را مكن هركز از كف رها ... كه خير الامورست أوساطها
وتحقيق المقام الانفاق ضربان محمود ومذموم فالمحمود منه ما يكسب صاحبه العدالة وهو بذل ما أوجبت الشريعة بذله كالصدقة المفروضة والانفاق على العيال ولذا قال الحسن ما أنفق الرجل على اهله فى غير إسراف ولا فساد ولا إقتار فهو فى سبيل الله ومنه ما يكسب صاحبه اجرا وهو الانفاق على من ألزمت الشريعة إنفاقه عليه ومنه ما يكسب له الحرية وهو بذل ما ندبت الشريعة الى بذله فهذا يكتسب من الناس شكرا ومن ولى النعمة اجرا والمذموم ضربان افراط وهو التبذير والإسراف وتفريط وهو الإمساك والتقتير وكلاهما يراعى فيه الكمية والكيفية فالتبذير من جهة الكمية ان يعطى اكثر ما يحتمله حاله ومن حيث الكيفية ان يضعه فى غير موضعه والاعتبار فيه بالكيفية اكثر من الكمية فرب منفق درهما من ألوف وهو فى إنفاقه مسرف وببذله ظالم مفسد كمن اعطى فاجرة درهما او اشترى خمرا ورب منفق الوفا لا يملك غيرها هو فيه مقتصد وبذله محمود كما روى فى شأن ابى بكر الصديق رضى الله عنه حيث أنفق جميع ماله فى غزوة تبوك ولما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (ماذا أبقيت لاهلك يا أبا بكر) قال الله ورسوله وقد قيل لحكيم متى يكون بذل القليل إسرافا والكثير اقتصادا قال إذا كان بذل القليل فى باطل وبذل الكثير فى حق ومن هذا الباب ما قال مجاهد فى الآية لو كان لرجل مثل ابى قبيس ذهبا فانفقه فى طاعة الله لم يكن مسرفا
ولو أنفق درهما فى معصية الله كان مسرفا والتقتير من جهة الكمية ان ينفق دون ما يحتمله حاله ومن جهة الكيفية ان يمنع من حيث يجب وينفق حيث لا يجب والتبذير عند الناس احمد لانه جود لكنه اكثر مما يجب والتقتير بخل والجود على كل حال احمد من البخل لان رجوع المبذر الى السخاء سهل وارتقاء البخيل اليه صعب وان المبذر قد ينفع غيره وان أضر بنفسه والمقتر لا ينفع نفسه ولا غيره على ان التبذير فى الحقيقة هو من وجه أقبح إذ لا إسراف الا وفى جنبه حق يضيع ولان التبذير يؤدى صاحبه الى ان يظلم غيره ولذا قيل الشحيح اعذر من الظالم ولانه جهل بقدر المال الذي هو سبب استبقاء النفس والجهل رأس كل شر والمتلاف ظالم من وجهين لاخذه من غير موضعه ووضعه فى غير موضعه قال يزيد بن حبيب فى هذه الآية أولئك اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا لا يأكلون طعاما للتنعم واللذة ولا يلبسون ثيابا للجمال ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع ويقويهم على عبادة ربهم ومن الثياب ما يستر عوراتهم ويكنهم عن الحر والقرّ وفى الحديث (ليس لابن آدم حق فيما سوى هذه الخصال بيت يكنه وثوب يوارى عورته وجرف الخبز والماء) يعنى كسر الخبز واحدتها جرفة بالكسر وقال عمر رضى الله عنه كفى سرفا ان لا يشتهى الرجل شيأ الا اشتراه فاكله
اگر چهـ باشد مرادت خورى ... ز دوران بسى نامرادى برى
دريغ آدمي زاده پر محل ... كه باشد چوانعام بل هم أضل