للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذين يطيقونه خَيْرٌ لَكُمْ من الفدية إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ما في الصوم من الفضيلة وبراءة الذمة والجواب محذوف ثقة بظهوره اى اخترتموه وفي الأشباه الصوم في السفر أفضل الا إذا خاف على نفسه او كان له رفقة اشتركوا معه في الزاد واختاروا الفطر انتهى وانما فضل الصوم للمسافر لان الصوم عزيمة له والتأخير رخصة والاخذ بالعزيمة أفضل واما ما روى ان النبي عليه السلام (قال ليس من البر الصيام في السفر) فمحمول على ما إذا كان الصوم يضعفه حتى يخاف عليه الهلاك كذا في شرح المجمع لابن الملك والسفر المبيح للفطر مسيرة ثلاثة ايام ولياليها عند ابى حنيفة رحمه الله واعلم ان الله تعالى أمرنا بصيام شهر كامل ليوافق عدد السنة فى الاجر الموعود بقوله مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فالشهر الكامل ثلاثمائة وستة ايام شوال ستون يوما فان نقص يوم من عدد الشهر لم

ينقص من الثواب روى ان رسول الله عليه السلام صام ثمانية رمضانات خمسة منها كانت تسعة وعشرين يوما والباقي ثلاثين يوما وافترض الصيام بعد خمس عشرة سنة من النبوة بعد الهجرة بثلاث سنين وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بعث الله نبيه عليه السلام بشهادة ان لا اله الا الله فلما صدق زاد الصلاة فلما صدق زاد الزكاة فلما صدق زاد الصيام فلما صدق زاد الحج ثم الجهاد ثم أكمل لهم الدين وأول ما فرض الصوم على الأغنياء لاجل الفقراء في زمن الملك طهمورث ثالث ملوك بنى آدم وقع القحط في زمانه فامر الأغنياء بطعام واحد بعد غروب الشمس وبامساكهم بالنهار شفقة على الفقراء وإيثارا عليهم بطعام النهار وتعبدا وتواضعا لله تعالى والصوم سبب للولوج في ملكوت السموات وواسطة الخروج عن رحم مضايق الجسمانيات المعبر عنه بالنشأة الثانية كما أشير اليه بقول عيسى عليه السلام [لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين] بل مجاهدة الصوم رابطة مشاهدة اللقاء واليه يشير الحديث القدسي (الصوم لى وانا اجزى) يعنى انا جزاؤه لا حورى ولا قصورى ولهذا علق سبحانه نيل سعادة الرؤية بالجوع حيث قال في مخاطبة عيسى عليه السلام (تجوع ترانى) : قال السعدي

ندارند تن پروران آگهى ... كه پر معده باشد ز حكمت تهى

وانما أضيف الصوم الى الله فى (الصوم لى) لانه لا رياء فيه بل سر لا يعلمه الا الله وانما يكون الله سبحانه جزاء صومه إذا امسك قلبه وسره وروحه عما سواه تعالى وهو الصوم الحقيقي عند الخواص: قال في المثنوى

هر كرا دارد هوسها جان پاك ... زود بيند حضرت وايوان پاك

والاشارة في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ان الصوم كما يكون للظاهر يكون للباطن وباطن الخطاب يشير الى ان صوم القلب والروح والسر الذين آمنوا شهود أنوار الحضور مع الله فصوم القلب صومه عن مشارب المعقولات وصوم الروح عن ملاحظة الروحانيات وصوم السر صونه عن شهود غير الله فمن امسك عن المفطرات فنهاية صومه إذا هجم الليل ومن امسك عن الأغيار فنهاية صومه ان يشهد الحق وفي قوله عليه السلام (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) عند التحقيق انها عائدة الى الحق فينبغى ان يكون صوم العبد ظاهرا وباطنا

<<  <  ج: ص:  >  >>