القربة بها يرفع الدعاء الى الله كما قال تعالى إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ويزكى الروح عن دنس الالتفات لغير الله ليتعرض لنفخات الطافه ويزكى السر عن وصمة الشرك بان يوجهه الى الحق في الدعاء لطلب الحق لا لطلب غير الحق من الحق ليستجيب دعاءه ولا يخيب رجاءه كما قال (ألا من طلبنى وجدنى ومن طلب غيرى لم يجدنى) وان الله وعد الاجابة على طلبه بالدعاء فقال أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ اى إذا طلبنى: قال السعدي
خلاف طريقت بود كاوليا ... تمنا كنند از خدا جز خدا
فمن اخل ببعض هذه الشرائط لم يلزمه الاجابة كمن اخل بركن من اركان الصلاة لم يلزمه القبول الا ان الجبار يجبر كل خلل وكسر يكون في اعمال العباد بفضله وكرمه وفي الحقيقة ان افضاله مع العباد مقدم على أعمالهم وانه يعطى قبل السؤال ويحقق مراد العبد بعد سؤاله بجميع النوال والدعاء على قسمين داع بالدعاء وقارئ للدعاء فللداعى يفتح أبواب السموات حتى يبلغ دعاؤه العرش وقارئ الدعاء لا يبلغ الا الاذن قال الفنارى في تفسير الفاتحة ثم لصحة التصور وجودة الاستحضار اثر عظيم في الاجابة اعتبره النبي عليه الصلاة والسلام وحرض عليه عليا رضي الله تعالى عنه لما علمه الدعاء وفيه اللهم اهدني وسددنى فقال له اذكر بهدايتك هداية الطريق وبالسداد سداد السهم فامره باستحضار هذين الامرين وقت الدعاء فهذا هو سر اجابة دعاء الرسل والكمل والأمثل فالامثل واستقامة التوجه حال الطلب والنداء عند الدعاء شرط قوى فى الاجابة فمن تصوره تصورا صحيحا من رؤية وعلم سابقين او حاضرين حال الدعاء ثم دعاه سيما بعد امره له بالدعاء والتزامه الاجابة فانه يجيبه لا محالة اما من زعم انه يقصد مناداة زيد وهو يستحضر غيره ثم لم يجد الاجابة فلا يلومن الا نفسه إذ لم يناد القادر على الاجابة وانما توجه الى ما انشأه من صفات تصوراته بالحالة الغالبة عليه إذ ذاك لكن سؤاله قد
يثمر بشفاعة حسن ظنه بربه وشفاعة المعية الإلهية وحيطته فالمتوجه بالخطأ مصيب من وجه كالمجتهد المخطئ مأجور غير محروم بالكلية انتهى كلام الفنارى وفي رسالة القشيري في الخبر المروي (ان العبد يدعو الله سبحانه وهو يحبه فيقول يا جبريل اخر حاجة عبدى فانى أحب ان اسمع صوته وان العبد ليدعوه وهو يبغضه فيقول يا جبريل اقض حاجة عبدى فانى اكره ان اسمع صوته) - حكى- انه وقع ببغداد قحط فامر الخليفة المسلمين بالخروج للاستسقاء فخرجوا واستسقوا فلم يسقوا فامر اليهود فخرجوا وسقوا فتحيرا الخليفة ودعا علماء المسلمين وسألهم فلم يفرجوا عنه فجاء سهل ابن عبد الله وقال يا امير المؤمنين انا معاشر المسلمين أحبنا الله لدين الإسلام وهدانا ويحب دعاءنا وتضرعنا فلهذا لم يعجل اجابتنا وهؤلاء ابغضهم ولعنهم فلهذا عجل اجابتهم وصرفهم عن بابه قال عليه السلام (قوام الدنيا باربعة أشياء بعلم العلماء وعدل الأمراء وسخاوة الأغنياء ودعوة الفقراء) وينبغى ان يسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى العظام والادعية المأثورة عن السلف الكرام وينبغى ان يتوسل الى الله تعالى بالأنبياء والأولياء الصالحين وللدعاء أماكن يظن فيها الاجابة مثلا عند رؤية الكعبة والمساجد الثلاثة وبين الجلالتين من سورة الانعام وفي الطواف وعند الملتزم وفي البيت وعند زمزم وعند شرب مائه وعلى الصفا والمروة