فالمدعى اجنبى عن الدخول فى حرم المعنى كما ان الأجنبي ممنوع عن الدخول فى حرم السلطان وقال الكمال الخجندي
مدعى نيست محروم دريار ... خادم كعبه بو لهب نبود
فالواجب الاجتناب عن الدعوى والكذب وغيرهما من صفات النفس واكتساب المعنى والصدق ونحوهما من أوصاف القلب: قال الحافظ
طريق صدق بياموز از آب صافى دل ... براستى طلب آزاد كى چوسرو چمن
- حكى- عن ابراهيم الخواص رحمه الله انه كان إذا أراد سفرا لم يعلم أحدا ولم يذكره وانما يأخذ ركوته ويمشى قال حامد الأسوار فبينما نحن معه فى مسجده تناول ركوته ومشى فاتبعته فلما وافينا القادسية قال لى يا حامد الى اين قلت يا سيدى خرجت لخروجك قال انا أريد مكة ان شاء الله تعالى قلت وانا أريد ان شاء الله مكة فلما كان بعد ايام إذا بشاب قد انضم إلينا فمشى معنا يوما وليلة لا يسجد لله تعالى سجدة فعرفت ابراهيم فقلت ان هذا الغلام لا يصلى فجلس وقال يا غلام مالك لا تصلى والصلاة أوجب عليك من الحج فقال يا شيخ
ما علىّ صلاة قال ألست مسلما قال لا قال فأى شىء أنت قال نصرانى ولكن اشارتى فى النصرانية الى التوكل وادعت نفسى انها قد أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت حتى أخرجتها الى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود اثير ساكنى وامتحن خاطرى فقام ابراهيم ومشى وقال دعه يكون معك فلم يزل يسايرنا حتى وافينا بطن مرو فقام ابراهيم ونزع خلقانه فطهرها بالماء ثم جلس وقال له ما اسمك قال عبد المسيح فقال يا عبد المسيح هذا دهليز مكة يعنى الحرم وقد حرم الله على امثالك الدخول اليه قال الله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) والذي أردت ان تستكشف من نفسك قد بان لك فاحذر ان تدخل مكة فان رأيناك بمكة أنكرنا عليك قال حامد فتركناه ودخلنا مكة وخرجنا الى الموقف فبينما نحن جلوس بعرفات إذا به قد اقبل عليه ثوبان وهو محرم يتصفح الوجوه حتى وقف علينا فاكب على ابراهيم يقبل رأسه فقال له ما الحال يا عبد المسيح فقال له هيهات انا اليوم عبد من المسيح عبده فقال له ابراهيم حدثنى حديثك قال جلست مكانى حتى أقبلت قافلة الحاج فقمت وتنكرت فى زى المسلمين كأنى محرم فساعة وقعت عينى على الكعبة اضمحل عندى كل دين سوى دين الإسلام فاسلمت واغتسلت وأحرمت فها انا أطلبك يومى فالتفت الى ابراهيم وقال يا حامد انظر الى بركة الصدق فى النصرانية كيف هداه الى الإسلام ثم صحبنا حتى مات بين الفقراء رحمه الله تعالى يقول الفقير أصلحه الله القدير فى هذه الحكاية إشارات. منها كما ان حرم الكعبة لا يدخله مشرك متلوث بلوث الشرك كذلك حرم القلب لا يدخله مدع متلوث بلوث الدعوى. ومنها ان النصراني المذكور صحب ابراهيم أياما فى طريق الصورة فلم يضيعه الله حيث هداه الى الصحبة به فى طريق المعنى. ومنها ان صدقه فى طريقه ادّاه الى ان آمن بالله وكفر بالباطل. ومنها ان من كان نظره صحيحا فاذا شاهد شيأ من شواهد الحق يستدل به على الحق ولا يكذب بآيات