وعدا فهو مصدر مؤكد لنفسه لان معنى لهم جنات النعيم وعدهم بها حَقًّا اى حق ذلك الوعد حقا فهو تأكيد لقوله لهم جنات النعيم ايضا لكنه مصدر مؤكد لغيره لان قوله لهم جنات النعيم وعد وليس كل وعد حقا وَهُوَ الْعَزِيزُ الذي لا يغلبه شىء فيمنعه عن انجاز وعده او تحقيق وعيده الْحَكِيمُ الذي لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة
نه در وعده اوست نقض وخلاف ... نه در كار او هيچ لاف وكذاف
هذا وقد ذهب بعض المفسرين الى ان المراد بلهو الحديث فى الآية المتقدمة الغناء: يعنى [تغنى وسرور فاسقانست در مجلس فسق وآيت در ذم كسى فرود آمد كه بندگان مغنيان خرد يا كنيزكان مغنيات تا فاسقانرا مطربى كند] فيكون المعنى من يشترى ذا لهو الحديث او ذات لهو الحديث قال الامام مالك إذا اشترى جارية فوجدها مغنية فله ان يردها بهذا العيب قال فى الفقه ولا تقبل شهادة الرجل المغني للناس لاجتماع الناس فى ارتكاب ذنب يسببه لنفسه ومثل هذا لا يحترز عن الكذب واما من تغنى لنفسه لدفع الوحشة وازالة الحزن فتقبل شهادته إذ به لا تسقط العدالة إذا لم يسمع غيره فى الصحيح وكذا لا تقبل شهادة المغنية سواء تغنت للناس اولا إذ رفع صوتها حرام فبارتكابها محرما حيث نهى النبي عليه السلام عن صوت المغنية سقطت عن درجة العدالة
وفى الحديث (لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن ولا شراؤهن وثمنهن حرام) وقد نهى عليه السلام عن ثمن الكلب وكسب الزمارة: يعنى [از كسب ناى زدن] قالوا المال الذي يأخذه المغني والقوال والنائحة حكمه أخف من الرشوة لان صاحب المال أعطاه عن اختيار بغير عقد قال مكحول من اشترى جارية ضرابة ليمسكها لغنائها وضربها مقيما عليه حتى يموت لم اصل عليه ان الله يقول (وَمِنَ النَّاسِ) إلخ وفى الحديث (ان الله بعثني هدى ورحمة للعالمين وأمرني بمحو المعازف والمزامير والأوتار والصنج وامر الجاهلية وحلف ربى بعزته لا يشرب عبد من عبيدى جرعة من خمر متعمدا الا سقيته من الصديد مثلها يوم القيامة مغفور اله او معذبا ولا يتركها من مخافتى الا سقيته من حياض القدس يوم القيامة) وفى الحديث (بعثت لكسر المزامير وقتل الخنازير) قال ابن الكمال المراد بالمزامير آلات الغناء كلها تغليبا اى وان كانت فى الأصل اسماء لذوات النفخ كالبوق ونحوه مما ينفخ فيه والكسر ليس على حقيقته بدليل قرينه بل مبالغة فى النهى وفى الحديث (من ملأ مسامعه من غناء لم يؤذن له ان يسمع صوت الروحانيين يوم القيامة) قيل وما الروحانيون يا رسول الله قال (قراء اهل الجنة) اى من الملائكة والحور العين ونحوهم قال اهل المعاني يدخل فى الآية كل من اختار اللهو واللعب والمزامير والمعازف على القرآن وان كان اللفظ يذكر فى الاستبدال والاختيار كثيرا كما فى الوسيط قال فى النصاب ويمنع اهل الذمة عن اظهار بيع المزامير والطنابير واظهار الغناء وغير ذلك واما الأحاديث الناطقة برخصة الغناء ايام العيد فمتروكة غير معمول بها اليوم ولذا يلزم على المحتسب إحراق المعازف يوم العيد واعلم انه لما كان القرآن اصدق الأحاديث واملحها وسماعه والإصغاء اليه مما يستجلب الرحمة من الله استحب التغني به وهو تحسين الصوت وتطييبه لان ذلك سبب للرقة واثارة للخشية على ما ذهب اليه الامام