للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اهل الرياء ذنوب منها انه يكذب على الله وانه وهب له شيأ وما وهب له والكذب على الله من أقبح اللذات ومنها ان يغر بعض الحاضرين فيحسن به الظن والاغرار خيانة لقوله عليه السلام (من غشنا فليس منا) ومنها ان يحوج الحاضرين الى موافقته فى قيامه وقعوده فيكون متكلفا مكلفا للناس بباطله فيجتنب الحركة ما أمكن الا إذا صارت حركته كحركة المرتعش الذي لا يجد سبيلا الى الإمساك وكالعاطس الذي لا يقدر ان يرد العطسة والحاصل ان الميل عند السماع على انواع. منها ميل يتولد من مطالعة الطبيعة للصوت الحسن وهو شهوة وهو حرام لانه شيطانى

چهـ مرد سماعست شهوت پرست ... بآواز خوش خفته خيزد نه مست

. ومنها ميل يتولد من النفس ومطالعة النغمات والالحان وهو هوى وهو حرام ايضا لكونه شيطانيا حاصلا لذى القلب الميت والنفس الحية ومن علامات موت القلب نسيان الرب ونسيان الآخره والانكباب على أشغال الدنيا واتباع الهوى فكل قلب ملوث بحب الدنيا فسماعه سماع طبع وتكلف

اگر مردى بازي ولهوست ولاغ ... قوى تر بود ديوش اندر دماغ

. ومنها ميل يتولد من القلب بسبب مطالعة نور افعال الحق وهو عشق وهو حلال لانه رحمانى حاصل لذى قلب حى ونفس ميتة. ومنها ميل يتولد من الروح بسبب مطالعة نور صفاته وهو محبة وحضور وسكون وهو حلال ايضا. ومنها ما يتولد من السر بسبب مشاهدة نور ذاته تعالى وهو انس وهو حلال ايضا ولذا قال الشيخ سعدى قدس سره

نكويم سماع اى برادر كه چيست ... مكر مستمع را بدانم كه كيست

كر از برج معنى پرد طير او ... فرشته فروماند از سير او

فهو حال العاشق الصادق واصحاب الحال هم الذين اثرت فيهم أنوار الأعمال الصالحة فوهبهم الله تعالى على أعمالهم بالمجازاة حالا الوجد والذوق ومآلا الكشف والمشاهدة والمعاينة والمعرفة بشرط الاستقامة قال زين الدين الحافى قدس سره فمن يجد فى قلبه نورا يسلك به طريق من اباحه والا فرجوعه الى من كرهه من العلماء اسلم. ومعنى السماع استماع صوت طيب موزون محرك للقلب وقد يطلق على الحركة بطريق تسمية المسبب باسم السبب وجبلت النفوس حتى غير العاقل على الإصغاء الى ما يحب من سماع الصوت الحسن فقد كانت الطيور تقف على رأس داود عليه السلام لسماع صوته

به از روى خوبست آواز خوش ... كه اين حظ نفس است وآن قوت روح

وكان الأستاذ الامام ابو على البغدادي رحمه الله اوتى حظا عظيما وانه اسلم على يده جماعة من اليهود والنصارى من سماع قراءته وحسن صوته كما تغير حال بعضهم من سماع بعض الأصوات القبيحة ونقل عن الامام تقى الدين المصري انه كان استاذا فى التجويد وانه قرأ يوما فى صلاة الصبح (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) وكرر هذه الآية فنزل طائر على رأس الشيخ يسمع قراءته حتى أكملها فنظروا اليه فاذا هو هدهد قالوا الروح

<<  <  ج: ص:  >  >>