نزغتين بايتهما ظفر قنع الافراط والتفريط وذلك فى كل شىء يتصور ذلك فيه وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ يقال غض صوته وغض بصره إذا خفض صوته وغمض بصره قال فى المفردات الغض النقص من الطرف والصوت: وبالفارسية [فرو خوابانيدن چشم وفرو داشتن او از] والصوت هو الهواء المنضغط عند قرع جسمين قال بعضهم الهواء الخارج من داخل الإنسان ان خرج بدفع الطبع يسمى نفسا بفتح الفاء وان خرج بالارادة وعرض له تموّج بتصادم جسمين يسمى صوتا وإذا عرض للصوت كيفيات مخصوصة بأسباب معلومة يسمى حروفا. والمعنى وانقص من صوتك واقصر واخفض فى محل الخطاب والكلام خصوصا عند الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وعند الدعاء والمناجاة. وكذلك وصية الله فى الإنجيل لعيسى ابن مريم مر عبادى إذا دعونى يخفضوا أصواتهم فانى اسمع واعلم ما فى قلوبهم: وبالفارسية [فرو آور وكم كن آواز خويش يعنى فرياد كننده ونعره زننده ودراز زبان وسخت كوى مباش] واستثنى منه الجهر لارهاب العدو ونحوه وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد قد اختار الحكماء للسلطان جهارة الصوت فى كلامه ليكون اهيب لسامعيه وأوقع فى قلوبهم انتهى
وفى الخلاصة لا يجهر الامام فوق حاجة الناس والا فهو مسيئ كما فى الكشف. والفرق بين الكراهة والاساءة هو ان الكراهة افحش من الاساءة وفى انسان العيون لا بأس برفع المؤذنين أصواتهم لتبليغ التكبير لمن بعد عن الامام من المقتدين لما فيه من النفع بخلاف ما إذا بلغهم صوت الامام فان التبليغ حينئذ بدعة منكرة باتفاق الائمة الاربعة ومعنى منكرة مكروهة وفى أنوار المشارق المختار عند الأخيار ان المبالغة والاستقصاء فى رفع الصوت بالتكبير فى الصلاة ونحوه مكروه والحالة الوسطى بين الجهر والإخفاء مع التضرع والتذلل والاستكانة الخالية عن الرياء جائز غير مكروه باتفاق العلماء وقد جمع النووي بين الأحاديث الواردة فى استحباب الجهر بالذكر والواردة فى استحباب الاسرار به بان الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء او تأذى المصلون او النائمون والجهر أفضل فى غير ذلك لان العمل فيه اكثر ولان فائدته تتعدى الى السامعين ولانه يوقظ قلب الذاكر ويجمع همة الفكر ويشنف سمعه ويطرد النوم ويزيد فى النشاط وكان عليه السلام إذا سلم من صلاته قال بصوته الأعلى (لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير) ومن اللطائف ان الحجاج سأل بعض جلسائه عن ارق الصوت عندهم فقال أحدهم ما سمعت صوتا ارق من صوت قارئ حسن الصوت يقرأ كتاب الله فى جوف الليل قال ان ذلك لحسن. وقال آخر ما سمعت صوتا اعجب من ان اترك امرأتى ما خضا وأتوجه الى المسجد بكيرا فيأتينى آت فيبشرنى بغلام فقال وا حسناه. فقال شعبة بن علقمة التميمي لا والله ما سمعت قط اعجب الى من ان أكون جائعا فاسمع خفخفة الخوان فقال الحجاج أبيتم يا بنى تميم الأحب الزاد إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ أوحشها وأقبحها الذي ينكره العقل الصحيح ويحكم بقبحه وبالفارسية [زشت ترين آوازها] لَصَوْتُ الْحَمِيرِ جمع حمار قال بعضهم سمى حمارا لشدته من قولهم طعنة حمراء اى شديدة وحمارة القيظ شدته وافراد الصوت مع إضافته الى الجمع لما ان المراد ليس بيان حال صوت كل واحد من آحاد هذا الجنس حتى يجمع بل