وسيحون وجيحان وجيحون والنيل لان البحر عند العرب هو الماء الكثير وقال الكاشفى (سَبْعَةُ أَبْحُرٍ)[هفت درياى ديكر مانند او] انتهى فيكون ذكر العدد للتكثير كما لا يخفى وفى الإرشاد اسناد المد الى الأبحر السبعة دون البحر المحيط مع كونه أعظم منها وأطم لانها هى المجاورة للجبال ومنابع المياه الجارية وإليها تنصب الأنهار العظام اولا ومنها تنصب الى البحر المحيط ثانيا. والمعنى يمده الأبحر السبعة مدا لا ينقطع ابدا وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ اى ما فنيت متعلقات علمه وحكمته ونفدت تلك الأقلام والمداد وقد سبق تحقيقه فى اواخر سورة الكهف عند قوله تعالى (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً) الآية وإيثار جمع القلة فى الكلمات للايذان بان ما ذكر لا يفى بالقليل منها فكيف بالكثير وفى التأويلات النجمية اى لوان ما فى الأرض من الأشجار أقلام والبحر يصير مدادا وبمقدار ما يقابله ينفق القرطاس ويتكلف الكتاب حتى تنكسر الأقلام وتفنى البحار وتستوفى
القراطيس ويفنى عمر الكتاب ما نفدت معانى كلام الله تعالى لان هذه الأشياء وان كثرت فهى متناهية ومعانى كلامه لا تتناهى لانها قديمة والمحصور لا يفى بما لا حصر له انتهى وقد قصر من جعل الأرض قرطاسا وفى الآية اشارة ظاهرة الى قدم القرآن فان عدم التناهى من خاصية القديم. وجاء فى حق القرآن (ولا تنقضى عجائبه) اى لا ينتهى أحد الى كنه معانيه العجيبة وفوائده الكثيرة وفى الآية اشارة ايضا الى ان كلمات الحكماء الالهية وعلومهم لا تنقطع ابدا لانها من عيون الحكمة كما ان ماء العين لا ينقطع عن عينه وكيف ينقطع وحكمة الحكيم تلقين من رب العالمين وفيض من خزائنه وخزائنه لا تنفد كما دلت عليه الآية ولبعض العارفين تجلى برقىّ يعطى فى مقدار طرفة عين من العلوم ما لا نهاية له وإذا كان حاله هذا فى جزء يسير من الزمان فما ظنك بحاله فى مدة عمره إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يعجزه شىء حَكِيمٌ لا يخرج عن علمه وحكمته امر فلا تنفد كلماته المؤسسة عليهما. وخاصية الاسم العزيز وجود الغنى والعز صورة ومعنى فمن ذكره أربعين يوما فى كل يوم أربعين مرة أغناه الله وأعزه فلم يحوجه الى أحد من خلقه والتقرب بهذا الاسم فى التمسك بمعناه وذلك برفع الهمة عن الخلائق وهو عزيز جدا. وخاصية الاسم الحكيم دفع الدواهي وفتح باب الحكمة من اكثر ذكره صرف عنه ما يخشاه من الدواهي وفتح له باب من الحكمة والتقرب بهذا الاسم تعلقا ان تراعى حكمته فى الأمور مقدما ما جاء شرعا ثم عادة فتسلم من معارض شرعى وتخلقا ان تكون حكيما والحكمة فى حقنا الاصابة فى القول والعمل وقد سبق فى أول قصة لقمان واعلم ان فى خلق البحار والأنهار والجزائر ونحوها حكما ومصالح تدل على عظم ملكه تعالى وسعة سلطانه وليس من بر ولا بحر إلا وفيه خلق من الخلائق يعبد الله تعالى على ان الإسكندر وصل الى جزيرة الحكماء وهى جزيرة عظيمة فرأى بها قوما لباسهم ورق الشجر وبيوتهم كهوف فى الصخر والحجر فسألهم مسائل فى الحكمة فاجابوا بأحسن جواب وألطف خطاب لما انهم من مظاهر الاسم الحكيم فقال لهم سلوا حوائجكم لتقضى فقالوا له نسألك