للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للانسان طريق الى معرفة ما هو أخص به من كسبه وان اعمل حيله وانفذ فيها وسعه كان من معرفة ما عداه مما لم ينصب له دليل عليه ابعد وكذا إذا لم يعلم ما فى الغد مع قربه فما يكون بعده لا يعلمه بطريق الاولى

نداند كسى چون شود امر او ... چهـ حاصل كند در پس عمر او

بجز حق كه علمش محيط كلست ... برابر باو ماضى مستقبلست

وَما تَدْرِي نَفْسٌ وان أعملت حيلها بِأَيِّ أَرْضٍ مكان تَمُوتُ من بر وبحر وسهل وجبل كما لا تدرى فى أي وقت تموت وان كان يدرى انه يموت فى الأرض فى وقت من الأوقات- روى- ان ملك الموت مر على سليمان عليه السلام فجعل ينظر الى رجل من جلسائه فقال الرجل من هذا قال ملك الموت فقال كأنه يريدنى فمر الريح ان تحملني وتلقينى فى بلاد الهند ففعل فقال الملك كان دوام نظرى اليه تعجبا منه إذ أمرت ان اقبض روحه بالهند وهو عندك قال فى المقاصد الحسنة كان رجل يقول اللهم صل على ملك الشمس فيكثر ذلك فاستأذن ملك الشمس ربه ان ينزل الى الأرض فيزوره فنزل ثم اتى الرجل فقال انى سألت الله النزول من أجلك فما حاجتك فقال بلغني ان ملك الموت صديقك فاسأله ان ينسىء فى اجلى ويخفف عنى الموت فحمله معه وأقعده مقعده من الشمس واتى ملك الموت فاخبره فقال من هو فقال فلان ابن فلان فنظر ملك الموت فى اللوح معه فقال ان هذا لا يموت حتى يقعد مقعدك من الشمس قال فقد قعد مقعدى من الشمس فقال فقد توفته رسلنا وهم لا يفرّطون فرجع ملك الشمس الى الشمس فوجده قدمات وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف ببعض نواحى المدينة فاذا بقبر يحفر فاقبل حتى وقف عليه فقال لمن هذا قيل لرجل من الحبشة فقال (لا اله الا الله سيق من ارضه وسمائه حتى دفن فى الأرض التي خلق منها تقول الأرض يوم القيامة يا رب هذا ما استودعتني) وانشدوا

إذا ما حمام المرء كان ببلدة ... دعته إليها حاجة فيطير

وفائدة هذا تنبيه العبد على التيقظ للموت والاستعداد له بحسن الطاعة والخروج عن المظلمة وقضاء الدين واثبات الوصية بماله وعليه فى الحضر فضلا عن أوان الخروج عن وطنه الى سفر فانه لا يدرى اين كتبت منيته من بقاع الأرض وانشد بعضهم

مشينا فى خطى كتبت علينا ... ومن كتبت عليه خطى مشاها

وأرزاق لنا متفرقات ... فمن لم تأته منا أتاها

ومن كتبت منيته بأرض ... فليس يموت فى ارض سواها

كما فى عقد الدرر إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ يعلم الأشياء كلها خَبِيرٌ يعلم بواطنها كما يعلم ظواهرها وعنه عليه السلام (مفاتيح الغيب خمس وتلا هذه الآية فمن ادعى علم شىء من هذه المغيبات الخمس فهو كافر بالله تعالى) وانما عد هذه الخمس وكل المغيبات لا يعلمها الا الله لما ان السؤال ورد عنها كما سبق فى سبب النزول. وكان اهل الجاهلية يسألون المنجمين عنها زاعمين انهم يعلمونها وتصديق الكاهن بما يخبره عن الغيب كفر لقوله عليه السلام (من اتى كاهنا فصدقه

<<  <  ج: ص:  >  >>