والفعل لا يكون أشهرا أَشْهُرٌ هى شوال وذو القعدة وعشر ذى الحجة عندنا وانما سمى شهران وبعض شهر أشهرا مع ان جمع القلة لا يطلق على ما هو اقل من الثلاثة اقامة للبعض مقام الكل او إطلاقا للجمع على ما فوق الواحد مَعْلُوماتٌ معروفات بين الناس لانهم توارثوا علمها والشرع جاء مقررا لما عرفوه ولم يغير وقته عما كان قبله وفائدة توقيت الحج بهذه الأشهر ليعلم ان شأ من افعال الحج لا يصح الا فيها والإحرام وان كان ينعقد في غيرها ايضا عند ابى حنيفة الا انه مكروه يعنى ان الإحرام عنده من شرائط الحج قيجوز تقديمه على وقت ادائه كما يجوز تقديم الطهارة على أداء الصلاة. وقولهم وقت
الحج أشهر ليس المراد به انها وقت إحرامه بل المراد انها وقت ادائه بماشرة اعماله ومناسكه والأشهر كلها وقت لصحة إحرامه لقوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ فجعل الاهلة كلها مواقيت للحج ومعلوم ان الاهلة كلها ليست مواقيت لصحة أداء الحج فتعين ان المراد انها مواقيت لصحة الإحرام حتى من احرم يوم النحر لان يحج في السنة القابلة يصح إحرامه من غير كراهة عند ابى حنيفة كذا فى حواشى ابن الشيخ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ اى أوجبه على نفسه بالتلبية او تقليد الهدى وذلك لان الحج عبادة لها تحليل وتحريم فلا يشرع بمجرد النية كالصلاة فلا بد من فعل يشرع به فيه وهو ما ذكرنا من التلبية او تقليد الهدى وهو جعل القلادة في عنقه وسوقه فَلا رَفَثَ اى فلا جماع وما دونه مما يفضى الى ذلك كالقبلة والغمز وهو محظور الإحرام فقبل الوقوف بعرفة مفسد وبعده موجب للبدنة وحرمت دواعيه لئلا يقع فيه والرفث وما يليه من الفسوق والجدال وان كانت على صورة النفي بمعنى ان شيأ منها لا يقع في خلال الحج الا ان المراد بها النهى لان إبقاءها خبرا على ظاهرها يستلزم الخلف في خبرا لله للعلم بان هذه الأشياء كثيرا ما تقع في خلال الحج وانما أخرجت على صورة الاخبار للمبالغة في وجوب الانتهاء عنها كأن المكلف أذعن كونها منهيا عنها فاجتنب عنها فالله تعالى يخبر بانها لا توجد في خلال الحج ولا يأتى بها أحد منكم وَلا فُسُوقَ ولا خروج من حدود الشرع بارتكاب المحظورات والفسق هو المعاصي بانواعها فيدخل فيه السباب والتنابز بالألقاب وغير ذلك وَلا جِدالَ اى لامراء مع الخدم والرفقة والمكارين لانه يفضى الى التضاغن وزوال التأليف فاما الجدال على وجه النظر في امر من امور الدين فلا بأس به فِي الْحَجِّ اى في أيامه وانما امر باجتناب ذلك وهو واجب الاجتناب في كل حال لانه مع الحج أقبح واشنع كلبس الحرير في الصلاة والتطريب في قراءة القرآن والمنهي عنه التطريب الذي تخرج الحروف به عن هيآتها كما يفعله بعض القراء من الالحان العجيبة والانغام الموسيقية واما تحسين القراءة ومدها فهو مندوب اليه قال عليه السلام (حسنوا القرآن بأصواتكم) فان الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا والتطريب المقبول سبب للرقة واقبال النفس وبه قال ابو حنيفة رحمه الله وجماعة من السلف وَما شرطية تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ علم الله تعالى بما يفعله العبد من الخير كناية عن اثابته عليه. نهى عن ثلاثة أشياء من المعاصي ورغب في كل الطاعات فهو حث على فعل الخير عقيب النهى عن الشر فيدخل فيه استعمال الكلام الحسن مكان القبيح والبر والتقوى