للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حق داود عطاء نعمة وإفضال وفى حق آله عطاء لطلب المعاوضة منهم فداود عليه السلام ليس يطلب منه الشكر على ذلك العطاء وان كانت

الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على انعامه وهبته فلم يكن ذلك الشكر الواقع منهم مبنيا على طلب من الله سبحانه بل تبرعوا بذلك من عند نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه من غير ان يكون مأمورا بالقيام على هذا الوجه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلما قيل له فى ذلك قال (أفلا أكون عبدا شكورا) وفى التأويلات النجمية يشير الى شكر داود الروح وسليمان القلب من آله السر والخفي والنفس والبدن فان هؤلاء كلهم من مولدات الروح فشكر البدن استعمال الشريعة بجميع أعضائه وجوارحه ومحال الحواس الخمس ولهذا قال اعملوا. وشكر النفس باقامة شرائط التقوى والورع. وشكر القلب بمحبة الله وخلوه عن محبة ما سواه. وشكر السر مراقبته من التفاته لغير الله. وشكر الروح ببذل وجوده على نار المحبة كالفراش على شعلة الشمع. وشكر الخفي قبول الفيض بلا واسطة فى مقام الوحدة ولهذا سمى خفيا لانه بعد فناء الروح فى الله يبقى فى قبول الفيض فى مقام الوحدة مخفيا بنور الوحدة على نفسه وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ قليل خبر مقدم للشكور وقال الكاشفى وصاحب كشف الاسرار [واندكى از بندگان من سپاس دارند [والشكور المبالغ فى أداء الشكر على النعماء والآلاء بان يشكر بقلبه ولسانه وجوارحه اكثر أوقاته واغلب أحواله ومع ذلك لا يوفى حقه لان التوفيق للشكر نعمة تستدعى شكرا آخر لا الى نهاية ولذلك قيل الشكور من يرى عجزه عن الشكر

حق شكر حق نداند هيچ كس ... حيرت آمد حاصل دانا وبس

آن بزركى كفت با حق در نهان ... كاى پديد آرنده هر دو جهان

اى منزه از زن وفرزند وجفت ... كى توانم شكر نعمتهات كفت

پيك حضرت دادش از ايزد پيام ... كفتش از تو اين بود شكر مدام

چون درين راه اين قدر بشناختى ... شكر نعمتهاى ما پرداختى

قال الامام الغزالي رحمه الله احسن وجوه الشكر لنعم الله تعالى ان لا يستعملها فى معاصيه بل فى طاعاته وذلك ايضا بالتوفيق وعن جعفر بن سليمان سمعت ثابتا يقول ان داود جزأ ساعات الليل والنهار على اهله فلم تكن تأتى ساعة من ساعات الليل والنهار الا وانسان من آل داود قائم يصلى وعن النبي عليه السلام (إذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا ان داود اشكر العابدين وأيوب صابر الدنيا والآخرة) وفى التأويلات النجمية وبقوله (قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) يشير الى قلة من يصل الى مقام الشكورية وهو الذي يكون شكره بالأحوال. فللعوام شكرهم بالأقوال كقوله تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ) . وللخواص شكرهم بالأعمال كقوله (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) . ولخواص الخواص شكرهم بالأحوال وهو الاتصاف بصفة الشكورية والشكور هو الله تعالى لقوله تعالى (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) بان يعطى على عمل فان عشرا من ثواب باق كل ما كان عندكم ينفد وما عنده الى السرمد ان الله كثير الإحسان فاعمل

<<  <  ج: ص:  >  >>